قُلتُ: أفلا أشْتَري لك وَطَاءً تنام عليه؟ فقال: وأيُّ وَطَاءٍ أوْطَأُ من ظَهْر الأرْضِ؟ وقد سمَّاهُ اللَّه عزَّ وجلَّ مِهادًا، واللَّهِ لا أَفْرُشُ فِرَاشًا ولا أتَوسَّدُ وِسَادًا حتَّى ألْحَقَ باللَّهِ عزَّ وجلَّ.
فقُلتُ: فهل لك أنْ تُريح نفسَكَ في هذه الغَزَاةِ وتَرجعَ، فقال: واعَجَباه من قَوْلك! تأمُرني أنْ أرْجعَ عن الجَنَّةِ وقد فُتحِ لي بَابُها، واللَّه لا أزال أعرضُ نفسِي على اللَّهِ تعالى لعَلَّهُ يَقْبَلُني، فإنْ رَزَقنى وخَصَّني بالشَّهَادَة فهو الّذي كُنْتُ أُحَاولُ وفيه أُطَالِبُ، وإنْ حَرَمني ذلك فبالذُّنُوب الّتي سَلَفَتْ، وأنا أسْأل اللَّه أنْ يتفَضَّل عليَّ بما سَألتُه، ويُجيْبَني فيما دَعَوْته.
فغَزَا معنا ونحنُ في خَلْقٍ كَثِيْر مع مُحَمَّد بن مُصْعَب، فلَقِيْنا العَدُوَّ، فكان أوَّلَ مَن جُرِحَ، فقُلتُ: أبْشِر بثَواب اللَّهِ عزَّ وجلَّ؛ فقد أعْطَاكَ الرِّضَا، وفَوْق المَزِيد، فقال بصَوْتٍ ضَعِيْفٍ: الحَمْدُ للَّهِ على كُلِّ حالٍ، لقد نَظَرْتُ إلى كُلِّ ما تمنَّيْتُ فَوْقَ ما اشْتَهيْتُ، وبلَغْتُ ما أحْبَبْتُ، وأدْرَكتُ ما طَلْبتُ من حُورٍ وولْدَانٍ، وسَلْسَبيل ورَيْحَانٍ، وإيَّاك والتَّقْصِير لعلَّ اللَّه عزَّ وجلَّ أنْ يُبَلِّغكَ ما بَلَّغني، ويَرْزُقكَ ما رَزقَني.
ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو عِمْران
أبو عِمْران الطَّرَسُوسِيّ (١)
رَوَى عن أبي عَبْدِ اللَّه أحْمَد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل، وأبي يُوسُفَ الغَسُولِيّ، رَوَى عنهُ أحْمَدُ بن عليّ بن الجَارُود، وأحمد بن الحَسَن بن عَبْد المَلِكِ، ويُوسُفُ بن مُحَمَّد المُؤذِّن.
(١) ترجمته في: تاريخ أصبهان لأبي نعيم ٣: ٣٤٦، وسماه في حلية الأولياء ٧: ٣٧٣: أبو عمران الطوسي.