المَعَرِّيّ بدِمَشْقَ، من حِفْظِه وإمْلَائهِ، قال: دَخَلَ أبو نَصْر المُهَنَّا بن عليّ بن المُهَنَّا التَّنُوخِيّ المَعَرِّيّ، المُلَقَّب بالنَّاظِر، على أبي الفَضْل بن الدِّيْعَاص الحَلَبِيّ الوَزِير يَوْمًا عند وُصُولهِ من مِصْر مُسَلِّمًا عليه، وعندَهُ قِرْدٌ قد أَتَى به في صُحْبَتهِ من هُناك، وكانت بينهما مُمَازَحةٌ، فأوْمَأ إلى القِرْد فصَفَعَهُ، فأطْرَق رأسَهُ ساعةً، ثُمَّ أنْشَدَهُ بَيْتَيْن، فنَدِمَ أبو الفَضْل على فعْلهِ، وسَألَهُ إخْفائهما، فقال: هَبْ أنِّي أخْفَيْتُهما فالحاضرُونَ تُرَى ما حَفِظُوا؟! وهُما:[من المنسرح]
أحْسَنْتَ يا سُخْنَةَ العُيُونِ كَما … سِرْتَ وَزِيرًا وعُدْتَ قَرَّادَا
أبو الفَضْل بن سَالِم العُطَارِدِيُّ المَنْبِجِيُّ
شَاعِرٌ، كان في أيَّام الأَمِير سَيْف الدَّوْلَة أبي الحَسَن عليّ بن عَبْد اللَّهِ بن حَمْدَان، وقيل: إنَّهُ يَكْتُب له على الرَّسَائِل، وذَكَرَ له بعضُ النَّاسِ في مَصْلُوب هذين البَيْتَيْن، وقال: وتُرْوَى لغيره (١): [من الكامل]
انْظُر إليهِ كأنَّهُ في جذْعِهِ … لمَّا تَوَشَّحَ بالحِبَالِ ودُرِّعَا
رَامٍ رَمَى عن قَوْسِهِ بمُفَوَّقٍ … وأرادَ صِحَّةَ رَمْيِهِ فَتَسَمَّعا
قال: وله أيضًا: [من البسيط]
وعُصْبَةٍ أصْبَحُوا رَكْبًا على خُشُبٍ … مَنْصُوبَةٍ قد رَمَى في الأرْضِ رَاسِيها
مُجَرَّدِينَ سِوَى ما كانَ مِن أُزُرٍ … ما تَرْتجي خَلَفًا يوْمًا لَيَالِيْها
(١) نسبه أبو هلال العسكري: ديوان المعاني ٢: ٤١٩، لبعض البصريين، ونسبه ابن ظافر الأزدي: غرائب التنبيهات ١٦٨: لابن المعتز وليس في ديوانه.