حَيْدَرةُ بن أحْمَد بن عُمَر بن مُوسَى، أبو تُرَابٍ الرَّبَعِيُّ الحرَانيُّ، ويُعْرَفُ بابن قُطَرْمِيْز
رَجُلٌ فَاضِلٌ، أدِيبٌ شَاعِرٌ، كان مُبرّزًا في عِلْم القُرآن العَظِيْم، وله اطِّلَاعٌ على سَائِر العُلُوم، وله شِعْر لا بَأْسَ بهِ.
كان مُنْقَطِعًا إلى الأَمِير شَرَف الدَّوْلَة مُسْلِم بن قُرَيشْ؛ جَلِيْسه ومُحَادِثه، وانْقَطَعَ بعدَهُ إلى أبي سَلامَة مُرْشِد بن مُنْقِذ، رَوَى عنهُ مُرْشِد.
قَرأتُ بخَطِّ أبي المُظَفَّر أُسامَة بن مُرْشِد بن مُنْقِذ في جُزءٍ كَتَبَهُ لابن الزُّبير جَوَابًا عن أسْماء جَمَاعَة من الشُّعَراء، فكَتَبَ له في الجُزءِ المَذْكُور جَمَاعَة وشَيئًا من أشْعَارهم ليُوْدِعه في كتاب جِنَان الجِنَان، وأنْبَأنَا به أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قال: أجَازَ لنا أُسامَة بن مُرْشِد وقال: الرَّئِيس أبو تُراب حَيْدَرة بن أحْمَد بن عُمَر بن مُوسَى، رَجُلٌ عالِمٌ قد خاضَ في كُلِّ العُلُوم، ونال منها حَظًّا جَسِيمًا، وبرَّز في قراءة القُرآن وعُلُومه، ولم يكُن مُشْتَهرًا بالشِّعْر، وكان أقلّ فَضَائِلهِ.
وليس هو من أهْلِ الشَّام؛ وإنَّما وَرَدَ إليه من الشَّرْق خَاطِرًا، فتَمسَّك به وَالدِي أبو سَلامَة مُرْشِد بن عليّ، رَحِمَهُ اللهُ، وتَرَكَ له ما اقْتَرَح، وقَرأ عليه القُرْآن والنَّحو وعِلْم النُّجُوم.
وكان هذا الرَّجُل يُعْرَفُ بابن قُطَرْمِيز، وسَبَبُ ذاك أنَّ رَجُلًا من أمَاثِل أهْلِ الجَزِيْرَة يُعْرَفُ بابن قُطَرْمِيْز تزوَّج وَالدتَهُ، وكان له ولدٌ في عُمَر أبي تُرَابٍ، فألْزَمهُ بقراءةِ العُلُوم وأبو تُرَاب معه، فَمَهَرَ أبو تُرَاب وبَلَغَ ما لَم يَبْلُغه ولدُهُ، واشْتَهر فنُسِبَ إلى زوْج أُمِّهِ.