الكَلَاع مع عليّ عليه السَّلام، وأُصِيْبَ ذو الكَلَاع مع مُعاوِيَةَ قبل ذلك، فقال عَمْرو بن العَاص لمُعاوِيَةَ: واللَّهِ يا مُعاوِيَة ما أدْرِي بقَتْل أَيّهما أنا أشَدُّ فَرَحًا؛ بقَتْل عَمَّارٍ أو ذي الكَلَاع؟ واللَّهِ لو بَقي ذو الكَلَاعِ حتَّى يقتَل عَمَّارٌ لمَالَ بعَامَّةِ أهْل الشَّام، ولأفْسَدَ علينا جُنْدَنا، وكان لا ينال رَجُلُ يجيءُ إلى مُعاويَة وعَمْرو بن العَاص فيقُول: أنا قتَلْتُ عَمَّارًا، فيقُول له عَمرو: فما سَمِعتَهُ يقُول عند ذلك؟ فيخلطُونَ (a) حتَّى قال ابنُ حُوَيّ: أنا قَتَلتُه، فقال له عَمْرو: فما كان آخر مَنْطِقِه؟ قال ابنُ حُوَيّ: سَمِعتُه يقُول: [من الرجز]
اليَوْمَ ألْقَى الأحبَّهْ … مُحَمَّدًا وحِزْبَهْ
قال له عَمْرو صَدَقْتَ؛ أنْتَ صَاحِبُه، ثمّ قال له: رُوَيْدًا أمَا واللَّهِ ما ظَفِرَتْ يَداكَ، ولقد أسْخَطْتَ ربَّكَ عزَّ وجلَّ.
ابنُ حَوْقَل النَّصِيْبِيُّ (١)
رَجُلٌ فَاضِلٌ من أهْل نَصِيبِيْنَ، كان ببَغْدَاد وخَرَجَ منها يَوْم الخَمِيْس لسَبْع خَلَوْنَ من شَهْر رَمَضَان سَنَة إحْدَى وثَلاثين وثَلاثِمائة، وكان شَابَّا حينئذٍ، وشَرَع في جَمْع كتابِ جَغْرَافيَا (٢)؛ فجَمَعَهُ جَمْعًا حَسَنًا، وذَكَرَ فيه شُؤون البِلَادِ وأحْوَالها ذِكْرًا اسْتَقْصَى فيه، وذَكَرَ فيه أنَّهُ شَاهد طَرَسُوسَ (٣). ودَخَلَ حَلَبَ، وغيرها من البِلَادِ، وبَقِي حَيًّا إلى قَرِيب السَّبْعين والثَّلاثمائة.