للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تَقِفُ أمانةُ ابنِ العَديم في النَّقل عندَ هذا؛ بل إنَّهُ التزَمَ بضَبْط الأسْماءَ كما وَجَدَها في المَصَادرِ، فإذا ما وَجَدَ ضَبْطًا يُخالِفُ مَنْحاهُ أثْبَته، أو لفَظًا لاسْمٍ غير ما هو دَارجٌ ومُعْتَمدٌ كَتَبه على حَالهِ الَّتي وَجَدَهُ فيها في مَظانِّه، مثال ذلك إبقاؤه على ضَبْطِ: أنْطاكِية بتَشْدِيدِ المُثَنَّاةِ التَّحْتيَّةِ أو تَخْفِيفِها حَسْبما وَرَدتْ في المصَادِرِ الَّتي ينْقلُ عنها، خاصَّةً ما وَجَدَهُ في نُسْخَةِ فُتُوحَ البُلْدانِ من خَطِّ بَنُوسَة الكاتِب بالتَّشْديد فقيَّدَها على ذلك حيثما كان النَّقْلُ عنه، وبالتَّخْفيف فيما عَداه.

مَصَادرُهُ في تأْلِيف الكتَاب:

أمَّا مَوارِدُ ابن العَدِيم ومَصادرُه الَّتي اتَّكَأَ عليها في وَضْعِ كتابِه الكَبير في التَّاريخ، فهي من الكَثْرةِ ما يَضِيقُ المقامُ عن تَعْدادِها أو إجْمالِ مَوِضُوعاتِها، وقد اسْتَوْعَبَتْها - أو كادَتْ - دِراسَةٌ أُعدِّت لنَيْلِ رُتْبَةٍ عِلْميَّةٍ بجامِعَةِ دِمشْق (١)، وفيها مُلَاحَقَةٌ وتَتَبُّعُ للمَصادِرِ والأجْزاء الَّتي اطَّلَعَ عليها المُؤلِّفُ ونَقَلَ عنها، وبَحْثٌ في مَوارِده الشَّفَويَّةِ والكتابِيَّة الَّتي أخَذَ منها.

وتقدَّمَ الإلْمَاعُ إلى بَعْضِ مَصادِرِه فيما مَرَّ من هذا العَرْضِ السَّريع، وقد ارْتَأيتُ أنْ لا أُخْلِيَ التَّعْريفَ بالكتابِ من نَظْرةٍ عامَّةٍ على أبْرَزِ مَصادرِ ابن العَدِيْم وموضُوعاتها، بما يَكْشِفُ سَعَة إحاطَتِه بمَصَادِر عَمَلِه، وغِنَى خِزَانته وتَفَرُّدها.

ويُمكنُ التَّمْييزُ بين مَصادرِه الَّتي اتَّكَأ عليها في إعْداد المجلَّدةِ الأُوْلَى من كتابِه، وهي الَّتي جَعَلَها كالمُقَدِّمة للكتابِ، وتعرَّضَ فيها لجُغْرافيةِ الإقْليِم وذِكْرِ نَواحيه وخَواصِّه، وبينَ المصادرَ الَّتي اسْتَخدمهَا في الأجْزاءِ، التَّالية الَّتي تَرْجَمَ فيها لكُلِّ


(١) موارد ابن العديم التاريخية ومنهجه في كتاب بغية الطلب في تاريخ حلب، رسالة دكتوراه، إعداد مريم محمد خير الدرع، بإشراف الأستاذ الدكتور سهيل زكار، جامعة دمشق، كلية الآداب، ٢٠٠٤ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>