للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَالِم، خَادِم ذي النُّون المِصْرِيّ (١)

صَحِبَهُ إلى الشَّامِ، ودَخَلَ معَهُ المواضع الّتي دَخَلها من الشَّام، وسَاحَ فيها، وقد دَخَل ذُو النُّون مَنْبج وجَبَل اللُّكَام.

حَكَى عن ذي النُّون، ورَوَى عنهُ يَعْقُوب بن نَصْر الفَسَوِيّ، ومُحَمَّد بن أحْمَد بن سَلَمَة.

أنْبَأنَا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، عن أبي القَاسِم بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبو عُثْمان إسْمَاعِيْل بن عبد الرَّحْمن الصَّابُونِيّ إجَازةً، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن حَبِيْب المُفَسِّر، قال: سَمِعْتُ أبا بَكْر أحْمَد بن عبد الرَّحْمن المَرْوَزيّ يَقُول: سَمِعْتُ يَعْقُوبَ بن نَصْر الفَسَوِيّ يَقُول: سَمِعْتُ سَالمًا خَادِم ذي النُّون المِصْرِيّ يَقُول: بينا أنا أَسِيْر مع ذي النُّون في جَبَل لُبْنَان، إذ قال لي: مَكانكَ يا سَالِم، لا تَبْرَح حتَّى أعُودَ إليك، فغَابَ عنِّي ثلاثة أيَّامٍ، وأنا أتَقَمَّش من نَبَاتِ الأرْض وبقُولها، وأشْرَب من غُدُر الماء، ثُمَّ عادَ بعد ثلاثٍ مُتَغيِّر اللَّوْن خَاثِرًا، فلمَّا أتَى ثَابَتْ إليه نَفْسُه، فقُلتُ لَهُ: أين كُنْتَ؟ فقال: إنِّي دَخَلْتُ كَهْفًا من كُهُوف الجَبَلِ، فرَأيْتُ رَجُلًا أغْبَر أشْعَث نَحِيْفًا نَحِيْلًا، كأنَّما أُخْرج من حُفْرته، وهو يُصَلِّي، فلمَّا قَضَى صَلاتَهُ سَلَّمْتُ عليه، فرَدَّ عليَّ وقام إلى الصَّلاة، فما زَال يَرْكَع ويَسْجُد حتَّى قَرُب العَصْر فصَلَّى العَصْر، واسْتَنَدَ إلى حَجَرٍ بحِذَاءِ المِحْرَاب يُسَبّح، فقُلتُ لَهُ: رَحِمكَ اللهُ، تُوصِيني بشيءٍ، أو تَدْعُو لي بدَعْوَةٍ، فقال: يا بُنَيّ، آنسَكَ اللهُ بقُرْبهِ، وسَكَتَ، فقُلتُ: زِدْني، فقال: يا بُنَيّ، مَنْ آنَسَه اللهُ بقُرْبهِ أعْطاهُ أرْبَعٍ خِصَالٍ: عِزًّا من غير عَشِيرة، وعِلمًا من غير طَلَب، وغَنَاء من دُون مَالٍ، وأُنْسًا من غير جَمَاعَة. ثمّ شَهقَ شَهْقَةً فلَم يُفِق إلى الغَد، حتَّى تَوَهَّمْتُ


(١) ترجمته في: تاريخ ابن عساكر ٢٠: ٩٠ - ٩٣، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر ٦: ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>