للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحَرُّ نارٍ في الحَشَا مُحْرقٍ … لبُعْدكُم يَقْضِيِ بتَرْحَالي

إنْ كُنْتُ أَضْمَرتُ سُلُوًّا فلا … بلَغْتُ من وَصْلكَ آمَالي

وعِشْتُ من بَعْدِكَ وهو الّذي … أخْشَى لأنَّ المَوْتَ أَشْهَى لي

ورَجَعْتُ إلى مَجْلِس عَمِّي، فقَعَدتُ فيه ساعةً، وحَضَر الرَّجُل، فقُلتُ: يا سَيِّدنا جَمَال الأدَب والعُلَمَاءِ، ما عَلِمْتُ ما مَعْنِى البَيْتَيْن وأرَيْتُهُما لمَوْلَيَيَّ: عَمِّي وأبي، فما عَلِما، فقالا: واللَّهِ كذلك كان، قُلتُ: بل وَقَعَ لي أنَّكَ أرَدْتَّ تَخْتَبرُني، فعَمِلتُ في (a) سَاعتي هذه الأبْيَات وأنْشَدتها، فقال لي مَنْ حَضَر: واللَّهِ لولا أنَّها مَكْتُوبة في ظَهْر الرُّقْعَة لظنَنَّاها من حِفْظكَ، وكان واللَّهِ أَدِيْبًا مَلِيْحًا، وهو كان لازمًا لبني الشَّهْرَزُورِيّ والأبْيَاتُ لابن الشَّهْرَزُورِيّ.

وأنْشَدَني له أيضًا وقد مرَّ بقَبْر أخيه: [من الطويل]

مَرَرْتُ على قَبْرٍ تداعَتْ رُسُومُهُ … ومَنْزِلُه بين الجَوَانِح آهِلُ

فَرِيدٌ وفي الإخْوَانِ والأهْلِ كثرةٌ … بعيدٌ ومن دُون اللِّقَاءِ الجَنَادِلُ

فحرَّكَ منِّي سَاكِنًا وهو سَاكِنٌ … وثقَّفَ منِّي مَائِلًا وهو مَائِلُ

وقُلْتُ له: إنْ كُنْتَ أخلَيْتَ مَنْزِلًا … فقد مُلِئَتْ بالحُزْن منكَ المَنَازِل

عليكَ سلامُ اللَّهِ ما ذرَّ شَارِقٌ … وما حَنَّ مُشْتَاقٌ وما نَاحَ ثَاكِلُ

أبو طَالِب الشَّريفُ النَّقِيْبُ (١)

هو أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الإسْحَاقيّ، نَقِيْبُ العَلَوِيّيْن بحَلَب، وكان مَشْهُورًا بكُنْيَته، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ في الأحْمَدِين (٢).


(a) م: من.

<<  <  ج: ص:  >  >>