للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بابٌ في ذِكْرِ شَيْزَر (١)

هي مَدِينَةٌ صَغِيرَة، وفَواكِهُهَا كَثِيْرة، ولها قَلْعَةٌ حَصِيْنَة، ومَدِينَةٌ تحتَ مَدِينَة، اسْتولَى عليها الفِرِنْج حين خرجوا إلى الشَّام، وانتَزعوها من أيدي وُلاة الإسْلام، وكان لسَدِيدِ المُلْك أبي الحَسَن عليّ بن المُقَلَّد بن مُنْقِذ قَلْعَةُ الجِسْر إلى جانبها، فَعَمَرَها وحَصَّنَها، وقصَدَ بذلك التَّضْييقَ على الأُسْقُف الّذي كان بشَيْزَر، فحصَل لابن مُنْقِذ ما قصَدَه، وضَاقَ بالأُسْقُف الأمرُ، وكَرِهَ بلَدَهُ، فاشْتَرى شَيْزَر من الأُسْقُف بمالٍ بَذَلَهُ، وتَسَلَّم منه البَلَد ونَزَله، وذلك في سَنَة أرْبَعٍ وسَبْعِين وأرْبَعِمائة، وعَمرها ابن مُنْقِذ وسكَنها، وشَيَّد قَلْعتها وحَصَّنَها، فصَارت مَذْكُورة بين البِلادِ.

وأمراؤُها السَّادة بنو مُنْقِذ هم الأجْنَاد، وقصَدَهَا أبو المَكَارِم مُسْلِمُ بنُ قُرَيْشٍ بالحِصَار، فعَاد عنها بالخَيْبَةِ والخَسَار، فقال فيه سَالم بن المُهَذَّب، عند عَجْزه عنها، أبياتًا سَتُذكَر في تَرجَمَتِهِ إنْ شَاءَ اللّهُ، منها (٢): [من الطويل]

فَمُتْ كمدًا بالجسر (a) لسْتَ بجَاسِرٍ … عليهِ وعَايِنْ شَيْزَرًا أبدًا شَزْرًا


(a) في الأصل و"ك": فالجسر، وستأتي صحيحة في ترجمة سالم، والمثبت موافق لما في الخريدة والوافي.

<<  <  ج: ص:  >  >>