للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معه، ووصلت معه إلى دمشق، ودخل إلى الشيخ رحمه الله، فقرأت عليه عدة من كتب الأدب والحديث في سنة ثمان وستمائة، ثم عدت من البيت المقدس، وكنت أتردد إليه وأسمع منه بقراءاتي وقراءة غيري في سنة تسع وستمائة".

وتفَقَّه على الشيخ محمد بن يوسف بن الخَضر الحلبي المعروف بقاضي العَسْكر (ت ٦١٤ هـ) (١)، وفي كتابه البُغْيَة ذِكْرٌ للكثير من مشايخه، وبيَانٌ لما أخذه عنهم، وخبر اجتماعه بهم.

وكان ابتداء طلبه للحديث وسماعه في سنة ٦٠٤ هـ، حسبما يذكر في ترجمة حنبل بن عبد الله الرُّصَافيّ (الجزء السادس):

"دخلت دمشق زائرا البيت المُقَدَّسَ في سنة ثلاث وستمائة، وحنبل بها، فلم أسمع منه شيئا لأنني لم أكن طلبت الحديث حينئذ؛ لأن أول طلبي الحديث كان سنة أربع وستمائة".

التَّدْريس والقضاء والإفتاء والوزارة:

زاول ابن العديم التدريس في سن مبكرة من عمره، بعد أن توفرت فيه الأهليَّةُ والمَقْدرةُ على إلقاء الدروس، وربما نال تزكية من بعض شيوخه في ذلك، فبعد وفاة والده بقى مدةً، وصاقَبَ أن توفي شيخه ابن الأبْيَض (٢)؛ مدرس مدرسة شاذْبَخْت، وهي من أجلِّ مدارس حلب، كان أنشأها الأمير جمال الدين شاذْبَخْت الهندي الأتابكيّ، وكان نائبا عن نور الدين بحلب، فبقى مَنْصبُ مُتَولِّيها شاغرًا، فوَلِيَ ابن العديم التدريس بها في ذي الحجة سنة ٦١٦ هـ، وعمره يومئذ


(١) ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار ٦: ١٢٥، القرشي: الجواهر المُضية ٤: ٤٥٢.
(٢) هو قاضي العسكر محمد بن يوسف بن الخضر الحنفي المعروف بابن الأبيض (ت ٦١٤ هـ)، انظر: الأعلاق الخطيرة ١/ ١: ٢٧٢، ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار ٦: ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>