للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمان وعشرون سنة (١)، وكانت حلب في ذلك الوقت من حواضر العلم والأدب، "وهي أعْمَرُ ما كانت بالعلماء والمشايخ والفضلاء الرَّوَاسخ، إلا أنه رؤي أهلا لذلك دون غيره، وتصدر وألقى الدرس بجنان قويّ، ولسان لوذعي، فأبهر العالم، وأعجب الناس" (٢). ولم يزل ابن العديم مدرسا بهذه المدرسة سنوات عديدة، ثم ناب عنه ابنه مَجْدُ الدين عبد الرحمن، ثم استقل بها أخوه جمال الدين محمد ولد الصاحب كمال الدين حتى كائنة التتار سنة ٦٥٨ هـ (٣).

وفي أوائل سنة ٦٣٤ هـ فُوِّض إليه تدريس المدرسة النورية المعروفة بمدرسة الحلاويِّين مضافا إلى مدرسة شاذْبَخْت (٤)، وذلك بعد وفاة مُدَرِّسها الإمام تاج الدين أبي المعالي الفضل بن عبد المطلب بن الفضل الهاشمي (ت ٦٣٣ هـ)، وبقي مواظبا على التدريس بها إلى أن توجه إلى دمشق في خدمة الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، فاستقل بها بعده ابنه مجد الدين عبد الرحمن (٥).

وأنشأ ابن العديم مدرسة في شرقي حلب، وهي المدرسة الكَماليَّةُ العديمية، وكان ابتداء عمارتها في سنة ٦٣٧ هـ، وكَمُلَتْ في سنة ٦٤٩ هـ، وبنى إلى جوارها تُرْبَةً وجَوْسَقًا (قصرا) وبستانا، ولم يدرس بها أحد لانقراض الدولة الناصرية (٦). وأشار ابن العديم إلى هذه المدرسة - عرضا - في ترجمة أبي الفتح بن محمد بن عمر الأَبِيْوَرْدِيّ الصُّوْفيّ الحلبي (ت ٦٤٩ هـ)، قال (الجزء العاشر):

"ودفن بالتربة التي جددتها إلى جانب المدرسة التي أنشأتها ظاهر حلب، خارج باب العراق، رحمه الله".


(١) ابن الفوطي: مجمع الألقاب ٤: ٢١١.
(٢) ياقوت: معجم الأدباء ٥: ٢٠٨٦.
(٣) الأعلاق الخطيرة ١/ ١: ٢٧٢، سبط ابن العجمي: كنوز الذهب ١: ٣٤٧.
(٤) ابن الشعار: قلائد الجمان ٤: ٢٣٤، الأعلاق الخطيرة ١/ ١: ٢٧٠.
(٥) الأعلاق الخطيرة ١/ ١: ٢٢٧ - ٢٢٨.
(٦) ابن شداد: الأعلاق الخطيرة ١/ ١: ٢٨٥، سبط ابن العجمي: كنوز الذهب ١: ٣٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>