الله المهابَة من صُدور أعدائكُم منهم، وتكونوا في عَينهم كغُثَاء السَّيْل، ويَفتَحُون الملعُونَتَينِ (a). قال ثَوْبَانُ مولى رسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّم: يا رسُول الله، وما المَلْعُونَتانِ؟ قال: أَنْطاكِيَةُ وصَيْدَا.
وهذه أيضًا أَنْطاكِية المُحْتَرِقة أيضًا. واللهُ أعْلَمُ - لأنَّهُ قد وَرَدَ أنَّها من مَدَائِن النَّار. أمَّا أَنْطاكِيَة الشَّام، فقد جاءَ في فَضْلها من الأخْبار والآثار ما نَذكُره إنْ شَاءَ اللهُ.
بابٌ في فَضْلِ أَنْطاكِيَة
ذكر اللهُ تعالى أَنْطاكِيَة في القُرْآن في موضعَيْن، وسمَّاها قَرْيةً وسمَّاها مَدِينَةً في المَوْضِعين، ذكَرها في سُوْرة الكهف في قِصَّة الجِدَار الّذي أراد أنْ ينقَض فأقامَهُ، وسمَّاها في أوَّل القِصَّة قرية بقوله تعالى:{حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا}(١)، وسمَّاها تباركَ وتعالىَ في آخر القِصَّة بالمَدِينَة، حيث قال عزَّ مَنْ قائل:{وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ}(٢).
جاء في التَّفْسِير عن ابن عبَّاس (٣) رَضِيَ اللهُ عنهُ أنَّها أَنْطاكِيَةُ، وذَكَرَ ذلكَ أبو إسْحَاق الثَّعْلَبِي وغيره.
وذكَرَها الله تعالَى أيضًا في سُورة يس في قِصَّةِ حَبِيب النَّجَّار، قال سُبحْانَهُ وتعالى في أول القصة:{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ}(٤)، وقال عزَّ مَنْ قائل في آخر القِصَّة:{وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى}(٥).
(a) الأصل: الملعونتان، وفوقها: "صـ"، وفي تاريخ ابن عساكر: ويقتحمون الملعونتين.