للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو كُنتَ مَنْ أفْنَى ثُمَيْلَةَ عُمرِهِ … وشَبَابِهِ في خِدْمَةِ السُّلْطانِ

ولكَم مَقَامٍ قُمْتَ فيهِ ومَجْلِسٍ … رُفِّعْتَ فيهِ إلى أَعَزِّ مَكَانِ

وكتابةٍ سَيّرتَ مِن أبرادِهَا … ما سَيَّرَتْهُ البُرْدُ في البُلْدَانِ

فَلِمَ اطُّرِحْتَ ولِمَ جَفَتْكَ عِصَابَةٌ … لَهُمُ بحَقِّكَ أصْدَقُ العِرْفَانِ

فأجَبْتُها إنَّ الأحَاظِيَ (a) لَم تَزَلْ … مَقْدُورةً لِرجالِ كُلِّ زمَانِ

إن لَم أنَل فيها كفَاءَ فَضِيْلَتي … فالفَضْلُ ينْطِقُ لي بكُلِّ لِسَانِ

ولَوَ انَّ نَفْسِي طَاوَعَتْنِي لَم أكُن … في نَيْلِ أسْبَاب الغِنَى بالوَانِي

ولرُبَّما لَحِقَ الجَوَاهِرَ بذلَةٌ … مِن بَعْدِ ما رُصِّعْنَ في التِّيْجَانِ

دَامِس أبو الهَوْل (١)

من مَوَالِي طَرِيف من مُلُوك كِنْدَة، كان مع الجَيْشِ الّذي أمَدَّ بهِ عُمَرُ رَضِي اللهُ عنهُ أبا عُبَيْدَة رَضِيَ اللهُ عنهُ وهو على حَلَب، وتَسَوَّرَ قلْعَة حَلَب مع جَمَاعَةٍ وفَتَحُوها على ما نَقَلَهُ بعضُ الرُّوَاةِ.

وحُكي عن الوَاقِدِيّ (٢) أنَّهُ قال: كان أبو الهَوْل دَامِسُ أسْوَد شَدِيدَ السَّوَادِ بَصَّاصًا، وكان إذا رَكِبَ البَعِيْرَ أو الفَرَسَ العَالِيَ من الخَيْلِ تَخُطّ رِجْلَاه الأرْض، وإذا رَكِبَ البَعِيْرَ العالي البَازلَ من الإِبِل تُقَارِبُ رِجْلاهُ رُكْبتَي البَعِير.

وكان فَارِسًا شُجَاعًا، قد شَاعَ ذِكْرُهُ ونَمَا أمْرُه، وعَلَا قَدْرُه في بلادِ كِنْدَة، وأوْدِيَة حَضْرَمَوْت وجِبَال مَهْرَة وأرْضِ الشِّحْر (b)، وقد أخافَ البَادِيَةَ، وانْتَهَبَ


(a) في الأصل بالطاء المهملة، والأحاظي جمع الحظ والحظوة، وعند ابن عساكر والصفدي: الأحاجي.
(b) الأصل: السحرة، والمثبت من كتاب الواقدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>