للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَاغِب الخَادِم (١)

مَوْلَى المُوَفَّق أبي أحْمَد بن جَعْفَر المُتَوَكِّل.

كان قَائِدًا مَعْرُوفًا جَلِيْلًا، وكان فَاضِلًا، فَصِيحًا، حَسَن المُجَالسة، وله مال وَافِر، وغِلْمَان مُتَوافرُونَ، ولمَّا مَاتَ مَوْلاه انْتَقَل إلى ثَغْر طَرَسُوس وأقام بها، وابْتَنى بها دُورًا ومَسَاكن له ولمَوَالِيه، وكان حين وصَلَ إلى حَلَب سَيَّر مالَهُ وثَقَلهُ إلى طَرَسُوس، وتَوَجَّه إلى خُمَارَويْه بن أحْمَد بن طُوْلُون فأقامَ عنده مُدَّة، وفَرح أهْلُ الثَّغْر بكَثْرة غِلْمَانه ومقامه بهم عنده، وتوهَّم أهْل طَرَسُوس أنَّ خُمَارَوَيْه قَبَض عليه، فعَمَدُوا إلى وَالي طَرَسُوس، وهو ابنُ عَمّ خُمَارَوَيْه، فقَبَضُوا عليهِ، ونَهَبُوه وسَجَنُوه إلى أنْ [أطْلَق] (a) لهم رَاغِب، وهَمَّ خُمَارَوَيْه بعد ذلك بالقَبْضِ عليه فعَصَمهُ الله منه، وكان له ولمَوَالِيه نِكَايَة في العَدُوِّ، وآثارٌ حَسَنةٌ في الجِهَادِ.

وقيل: إنَّهُ لمَّا وَصَلَ حَلَب اجْتَمَع بطُغْج بن جُفّ لِمَا لقيه بحَلَب، ووَعَدَهُ بأشْيَاء عن خُمَارَوَيْه، فصَعدَ إلى مِصْر في سَنة تِسْعٍ وسِتِّين ومَائتَينْ، ورَدَّ رَاغِب خَادِمَهُ مَكْنُون مع سَائِر أمْوَاله وسِلَاحهِ إلى طَرَسُوس، ومَضَى إلى خُمَارَوَيْه إلى مِصْر في خَمْسَة (b) غِلْمَان، وكَتَبَ طُغْج إلى مُحَمَّد بن مُوِسَى الأعْرَج بالقَبْضِ على مَكْنُوِن وما معَهُ، ففَعَلَ، ووَثَب عليه أهْل طَرَسُوس ومَنعُوه من ذلك، وكَتَبُوا إلى خُمَارَوَيْه وقالُوا: اطْلِق لنا رَاغِبًا حتَّى نُطْلِق الأعْرَج، وأنْفَذَ معَهُ أحْمَدَ بن طُغَان


(a) مطموسة في الأصل، والمثبت على التقريب.
(b) الأصل: خمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>