للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

" وحَكَى ابنُ العَدِيْم بسَندِه أنَّه كان لا يأكل إلَّا التُّراب، فكان رَجِيعه يَجيء يابِسًا لا رِيْح له، فيَجْعله في جَنْبِه، فَمن دَخَل عليه أشَمَّهُ إيَّاه، ويَقُول: قد تَجَوْهَرَت" (١).

عليُّ بن الحَسَن بن مُحَمَّد البَلْخيّ، أبو الحَسَن الزَّاهِد، الفَقِيه، الحَنَفيّ، الجَعْفَريّ، عُرِفَ بالبُرْهان البَلْخيّ

" قال الصَّاحِبُ أبو القَاسِم بن العَدِيْم: أخْبَرني وَالدِي، قال: لمَّا فَتَحَ نُور الدِّين مَحْمُود المَدْرسَةَ الكَبِيرة المَعْرُوفة بالحَلاويَّة بحَلَب، لأصْحابِ أبي حنِيْفَة، اسْتَدْعَى البَلْخيّ إليها، فجاءَ ومعه جَماعَة من الفُقَهَاءِ، ودَخَلَها، وألْقَى بها الدُّرُوس، وكان الأذان بحَلَب في المَنارة على قاعدَة الشِّيْعَةِ، يُزَاد فيه: حَيَّ على خَيْرِ العَمَل، مُحمَّدٌ وعليٌّ خَيْر البَشَر. فلمَّا سَمعَ البلخيُّ ذلك، أمَرَ الفُقَهَاء، فصَعدُوا المَنارة وَقْت الأذان، وقال لهم: مُرُوا المُؤذِّنين ليُؤذِّنوا الأذان المَشرُوع، ومَن امْتَنَعَ منهم كبُّوه على رَأسِه، فصَعدَ الفُقَهَاءُ، وفَعَلُوا ما أمَرَهُم بهِ، فأذَّن المُؤذِّنون الأذان المشْرُوع.

واسْتَمرَّ الأمْرُ على ذلك إلى أنْ مَرِضَ نُور الدِّين بقَلْعَة حَلَب، ودَخَل نَصِيْر الدِّين أخُوه إلى حَلَب، فأعادَ الشِّيْعَةُ الأذانَ أيّامًا ثُمّ تُرك.

قال ابنُ العَدِيْم: كان سَبَب خُرُوج البَلْخيّ بعدَ ذلك من حَلَب أنَّ بعض الأُمَراء المُختَصِّين بمَجْد الدِّين أبي بَكْر بن الدَّايَة كان سَاكِنًا إلى جانب المَدْرسَة، فبَلَغَ البَلْخيّ عنه أنَّهُ يَشْرب الخَمْرَ، فأمَرَ الفُقَهَاءَ أنْ يُنْكِروا عليه، فَمشَوْا إليه، فقام إليهم وضَربهُم، فجَمَعَ البَلْخيُّ الفُقَهَاءَ، وأمَرَهُم (٢) بالدُّخُول إليه، فدَخَلُوا إليه وأراقُوا الخَمْرَ، وضَرَبُوه، فشَقَّ ذلك على ابن الدَّايَة، وأخْرَجَه من حَلَب.


(١) الدلجي: الفلاكة والمفلوكون ٩١.
(٢) في مطبوعة المسالك: وأمره، وهو خطأ بَيِّنُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>