للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَفْعَلُوا، فماتَ تحت العُقُوبة، ورِحَل كَيْكَاوُس عنها، وكان بها والدة الملك الصَّالِح أحمد بِن المَلِك الظَّاهِر، وهي زوْج الطّنْبُغَا وأولادُها منه، فاتَّفق الأمر معها ومع ولاة بَهَسْنى على أنْ عوضَّهُم أتَابِك طُغْرِل بقَلْعَة عَزَاز ومَوَاضع من بلدها، وتَسَلَّم منهم بَهَسْنى للمَلِك العَزِيز رَحِمَهُ الله.

ذِكْرُ الشُّغْر وبَكَاس (١)

وهما قَلْعتان قِويَّتان من أَعْمَال حَلَب من النَّواحِي الغَرْبيَّة، والشُّغْر قَلْعَةٌ صَغِيرَة قريبة من بَكَاس يُعْبر من أحدَيهما إلى الأُخْرى بجِسْرٍ، وهما على جانب نَهْر الأُرُنْط المَعْرُوف بالعَصِي، ولبَكَاس نَهْرٌ يَخْرُج من تحتها، وهمُا في غايةِ المَنَعَة والقُوَّة.

وكانت هاتان القَلْعتان في يد الفِرِنْج، ففَتَحهُما المَلِك النَّاصِر صلاح الدِّين يُوسُف إبن أيُّوب، رَحِمَهُ إلله، على ما أخْبَرَني به القَاضِي بَهَاءُ الدِّين أبو المَحَاسِن يُوسُف بن رَافِع بن تَمِيْم (٢)، قال: وسِرنا حتَّى أتَيْنا بَكَاس، وهي قَلْعَةٌ حَصِيْنَةٌ على جانب العَاصِي، وكان النُّزُول بذلك المَنْزل يوم الثّلاثَاء سادس جُمَادَى الآخرة، وكان المَنْزل على شَاطِئ العَاصِي، وصَعدَ السُّلْطَان المَلِكُ النَّاصِر إلى القَلْعَة جَرِيْدَة، وهي على جَبَل يُطِلّ على العَاصِي، فأحْدَق بها من كُلّ جانبٍ، وقاتَلَها قتالًا شديدًا بالمنجَنِيْقَات والزَّحْف المُضَايق إلى يوِم الجُمُعَة أيضًا تاسِعِ جُمَادَىَ الآخرة، ويَسَّر اللهُ فَتْحَها عَنْوَةً، وأَسَرَ مَنْ فيها بعد قَتْل منْ قُتِل منهم، وغنِم جميع ما كان فيها.


(١) الشُّغْر وبَكَاس قلعتان حصينتان قريبتان من بعضهما البعض، تقعان على قمة جبل بين أنطاكية وأفامية شمال مدينة جسر الشغور بنحو ٨ كم، وكان لهما في القديم مسجد جامع ومنبر ورستاق، واندثرت اليوم أغلب آثار قلعة بكاس باستثناء الصهاريج المنقورة في الصخر، بينما بقيت معظم آثار قلعة الشغر المؤلّفة من طابقين تحيط بها الأبراج. انظر: ياقوت: معجم البلدان ١: ٤٧٤، ٣: ٣٥٢، وزبدة الحلب ٢: ٥٨٢، ابن شداد: الأعلاق الخطيرة ١/ ١: ٣١، أبو الفداء: تقويم ٢٦١، العيني: عقد الجمان ٢: ١٠١، طلاس: المعجم الجغرافي ٤: ٣٣.
(٢) بهاء الدين ابن شداد: النوادر السلطانية ١٤٧ - ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>