للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنْ تُحْمل جُثَّتهُ إلى جوار قَبْر أَمِير المُؤْمنِيْن عليّ كَرَّمَ اللّهُ وَجْهَهُ بِظَاهِر الكُوفَة، ويُدْفَن في تُرْبَةٍ له هناك (١)، فحُمِلَت، وبين المَوضِعَيْن مَسِيْرة شَهْر.

قُلتُ: وذلك حين كُوْتِبَ من بَغْدَاد بالعَوْد إليها.

قَرَأتُ في بعض التَّوَاريْخ، قال: ولمَّا أحَسَّ - يعني أبا القَاسِم بن المَغْرِبيّ - من نَفْسِه بالمَوْت، كَتَبَ كِتَابًا إلى كُلّ مَنْ يَصِل إليهِ من الأُمَرَاءِ والرُّؤَسَاءِ الّذين بينَهُ وبين الكُوفَة، يُعَرِّفُهم فيه أنَّ حَظِيَّةً له تُوفِّيَت، وأنَّ تَابُوتها يَجْتاز بهم إلى مَشْهَد أَمِير المُؤْمنِيْن عليّ عليه السَّلام، وخَاطَبَهُم لمَنْ يَصْحَبُه ويَحْفُره، وكان قَصْدُه أنْ لا يتعرَّض أحَدٌ لتَابُوتهِ، وأنْ يَنْطوِي خبَرهُ، فتَمَّ له ذاك، وحُمِلَ الكتاب مع تَابُوته، وكُلّ مَنْ يُجْتَاز بهِ ظَنَّ أنَّهُ الجَارِيَة، حتَّى وصَل ودُفِنَ بالمَشْهَد بالكُوفة.

الحُسَينُ بن عليّ بن حَمَّاد المَوْصِلِيُّ، أبو بَكْر

شَاعِرٌ مُحْسِنٌ، كان بحَلَب في عَصْر أبي عَبْد اللّه الحُسَين بن خَالَويْه وطَبَقَتهِ، وقَرأ ولَدَاهُ عَقِيْل وعَمَّار على أبي عَبْد اللّه بن خَالَوَيْه.

قَرأتُ له أبْيَاتًا من الشِّعْر بخَطِّ أحدِ وَلَديهِ المَذْكُورَيْن، ذَكَراها في حِكَايَةٍ كانت على ظَهْر كتاب المَعَانِي للفَرَّاء، بخَطِّ أبي عَبْد اللّه بن خَالَوَيْه، صُوْرتها (٢): قال ابنُ خَالَوَيْه: حَضَر ذات يَوم عندي أبو إسْحَاق بن شَهْرَام، وأبو العبَّاسِ


(١) قال ابن شدَّاد: دُفن بالكوفة بباب المشْهد بالغريّ، وأنه أوصى بأن يكتب على لوح عند رأسه: "يا جامعَ النَّاس لميقات يوم معلوم، اجعل الحُسَيْن بن عليّ من الفائزين الآمنين، واحشره يوم القيامة في جُملة التوَّابين". الأعلاق الخطيرة ٣/ ١: ٣٦١، وانظر: التاريخ الفارقي ١٣٩.
(٢) تقدَّم لابن العديم إثبات الحكاية التي وجدها على ظهر كتاب معاني القرآن للفراء في ترجمة الشاعر المعنويّ؛ أحْمَد بن مُحَمّد في الجزء الثالث من الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>