للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَاوُد بن رَسْلَان بن غَازِي الدِّمَشقيّ المُلَقَّب بالشَّرَف الحَنَفِيّ (١)

كان فَقِيهًا فَاضِلًا مُتَميِّزًا صَالِحًا، يَنْظِم الشِّعْرَ، اشْتَغَل بالفِقْه على بُرْهَان الدِّين مَسْعُود بن شُجاعِ الحَنَفِيّ، ولَزِمَهُ بالمَدْرَسَةِ النُّورِيَّةِ إلى أنْ ماتَ وأعادَ عليهِ، وتولَّى نِيَابَة القَضَاءِ بدِمَشْق.

وقَدِمَ علينا حَلَب مِرَارًا، وكان يقدِمُ إليها لقَبْض مُغل وَقْف المَدْرَسَة الخاَتُونيَّة من الحصَّة المَوْقُوفة على المَدْرَسَة بالقَرْيَة المَعْرُوفة بمَعْرُسْتَا (٢) من الأُرْتِيْق على مَقْرُبةٍ من حَلَب، واجْتَمَعْتُ به مِرِارًا، وكان يَحْضُر عند عَمِّي أبي غَانِم ويُكَاثرهُ، وكان قد خَرَج مع عمِّي أبي غَانِم إلى صُمُّع الفُوْقَا (٣) في أيَّام البِطِّيْخ كما جرت عَادَةُ الحَلَبِيِّيْن، وكنتُ معهم، فشَاهدتُه وقد كَتَبَ أبْيَاتًا على حَائِط قبْلَة مَسْجِد صُمُّع، وهي: [من البسيط]

ياِ أهْلَ صُمُّعَ إنِّي حَاسِدٌ لَكُمُ … بقُرْبكُم من جَمالِ الدِّينِ ذِي الوَرَعِ

موْلًى عِبادَتُه للَّهِ منْذُ نَشَا … لَم يَطَّرِحْها ولَم يُهْمِلْ ولَم يَدَعِ

هَنَاكُمُ بل أُهَنّي النَّاسَ كُلَّهُمُ … بِهِ وأُفْدِيهِ من بُؤْسٍ ومِن وَجَعِ

وكان لعمِّي ملكٌ بهذه القَرْيَة، وكان يَخْرُجُ بأهْلهِ وأوْلَادِه في كُلِّ سَنَةٍ إليها، واتَّفق في هذه السَّنَة أنَّنا تَوَجَّهنا مع عَمِّي إلى زِيارة مَشْهَد رُوْحِين، والشَّرَف


(١) توفي سنة ٦٣٨ هـ، وقيل سنة: ٦٣٩ هـ، وترجمته في: التكملة للمنذري ٣: ٥٧٨، القرشي: الجواهر المضية ٢: ١٨٥ (وفيه: داود بن رسلان)، ابن أبي عذيبة: إنسان العيون ٢٦٧، الوافي بالوفيات ١٣: ٤٧٠ - ٤٧١، النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس ١: ٤٧٦، الغزي: الطبقات السنية ٣: ٢٢٢، اللكنوي: الفوائد البهية ٧٣.
(٢) معرستا: ذكرها الفزي "معرسته" من قرى ناحية عزاز. نهر الذهب ١: ٢٦٣.
(٣) صُمُّع: ذكرها ابن أبي أصيبمة قرية أقطعها نور الدين بن زنكي للطبيب سكرة الحلبي، ولم يحدد موضعها. عيون الأنباء ٦٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>