للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقدّم، وكُلُّ واحدٍ من العَشرة يَحْسِبُه يُصَلِّي عن إذْن ومُوَامَرة، ومنهم مَنْ يحسِبُه أحدَهُم، فافْتَتَح فقَرأ فحيّر السَّامِعين شَجَىً وطِيْبًا، وتَمَّموا صَلَاتهم، فلمَّا أرادُوا النُّهوض للتَّرَاويح أمَر ابن طُوْلُون أن يُصَلِّي ترويحتَه ففَعَل، ثُمّ أُخْرى، ثُمَّ أُخْرى، حتَّى فَرَغ من جَمِيعها، ومن الوَتْر، وانْصَرفُوا، ولَم يُصَلّ أحدٌ من العَشرة فرْضًا ولا نَافِلَة، فسَأل ابن طُوْلُون حُجَّابَهُ عنه، فقالوا: ما نَعْرِفه ولا رَأيناه قبل وَقْتنا هذا، وقال بَعْضُهم: ما ظَننَّاهُ إلَّا واحدًا من العَشرة المَرْسُومين بالصَّلاة، فتقدّم ابنُ طُوْلُونَ إلى الحَجَّاب: إنْ عادَ أنْ لا يُحْجب، فعاد لليلَتِهِ المقبِلةِ، وتقدَّم وصَلَّى، فلمَّا أرادَ الانْصِرَافَ اسْتَوقفَهُ الحُجَّابُ، وسَألُوه: مَنْ هو، ومن أين هو؟ فما أصَابهُم، فرُدّ إلى ابن طُولُونَ، فخاطبَهُ، وسَألَهُ عن اسمِهِ ونَسَبِهِ، فقال: أنا ابنُ أبي قبَّاس، فسُرَّ به سُرُورًا عجَيْبًا، وأمرَهُ بالصَّلاةِ بهِ ما بقي من الشهْر وَحْدَهُ، وأمرَهُ بسَبِّهِ بحيثُ يسْمَع (a) كما سَبَّهُ على مِنْبَر طَرَسُوس، فاسْتَعْفَاهُ فأبَى عليه، واسْتَعْفاهُ فما وجَد له منه مَحِيْصًا، وسَألَهُ الأمَان فآمنَهُ وقام فخَطَبَ، فلمَّا وَصَلَ إلى حيثُ يَسُبّ رَخَّمَ واخْتَصَر (b)، فخَتَّمَ عليه أن لا يُغَادِر من السَّبِّ حَرْفًا واحدًا إلَّا لفظَ بهِ، ففَعَل وأتى عليه عن آخره، فأمرَ له بألف ديْنارٍ، وزَوَّدَهُ إلى مَكَّة، وحَمَلَهُ فحجَّ وعاد إلى طَرَسوس شَاكِرًا لابن طُوْلُون حَامِدًا.

ابنُ أبي عَيَّاش الألْهَانِيّ (١)

كان على حَرَس عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وكان معه بخُنَاصِرَة، وعَزَلَهُ عُمَر، ووَلَّى عَمْرو بن مُهاجِرٍ مَوْلَى الأنْصَار.


(a) قوله: "بحيث يسمع" ساقط من م.
(b) م: واستحضر.

<<  <  ج: ص:  >  >>