للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ بَهَسْنى (١)

وهي قَلْعَةٌ عَظِيمَة حَصِيْنَة مَانعَةٌ، ولها رَبَضٌ كبير يَسْكُنه جَمَاعَة من المُسْلِمِيْن والأرْمَن، وبلدُهَا بَلَد حَسَنٌ كَثِيْر الخَيْراتِ، وبها قاضٍ ومِنْبَر وخَطِيب، وحَولها أَنْهار وبَساتِيْن كَثِيْرةٌ.

وهي على تَخْم بلادِ الرُّوم الإسْلاميَّة، وهي من جُمْلَة ما انْتَزعَهُ نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي من البِلادِ الشَّاميَّةِ من يَدِ قِلِيْج أَرَسْلَان للسَّبَب الّذي ذكَرناهُ، وكان ذلك في سَنة ثَمانٍ وخمْسين وخسِمائَة.

ولَمَّا تُوُفِّي المَلِك الظَّاهِر غَازِي، رَحِمَهُ الله، خَرَجَ مَلِك الرُّوم كَيْكَاوُس ابن كَيْخُسْرُو بن قِلِيْج أَرَسْلَان، فقَصَدَ بلاد المَلِك العَزِيز مُحمَّد بن المَلِك الظَّاهِر، فافْتَتَح مَنْبِجِ ورَعْبَان والمَرْزَبَان، وكان قد نَزَل إليه الطّنْبُغَا الظَّاهِريّ، وكان ببَهَسْنى، فعَصَى على المَلِك العَزِيز، وانضَوى إلى كَيْكَاوُس وصارَ في عَسْكره، وفتح تلّ باشِر من يد وَلدِ دَلْدرم، فاسْتَدعى أتَابِك طُغْرِل المَلِك الأشْرَف مُوسَى بن المَلِك العادِل في سَنَة خَمْس عَشرة وسِتّمائة، فوَصل إلى حَلَب ودفعَ كَيْكَاوُس عنها على ما نَذْكرُه فيما يأتي من تَرْجَمتهما (٢) إنْ شَاءَ اللهُ.

وعادَ الطّنْبُغَا مع كَيْكَاوُس فطَلَب منهُ تَسْليم بَهَسْنى، فامْتَنعَ من ذلك، فأُحْضِر تحتَ القَلْعَة وعُذِّبَ بأنْواع العَذاب، فأمرَ الولاةَ بها بالتَّسليم إليه، فلم


(١) بهسنى: تقع بين مرعش وسميساط، على نهر أربان جاي أحد روافد الفرات، وهي من بناء الأرمن، وبدأ يتكرر ذكرها في أثناء الحروب الصليبية باسم "بهسدن"، وتسمى اليوم: بَسْني Besni. ياقوت: معجم البلدان ١: ٥١٦، ابن شداد: الأعلاق الخطيرة ١/ ٢: ٢٧، موستراس: المعجم الجغرافي ١٨٠، لسترنج: بلدان الخلافة ١٥٦.
(٢) ضاعت ترجمة ملك الروم كيكاوس بن كيخسرو، وترجمة الملك الأشرف موسى بن أبي بكر بن أيوب، بضياع الأجزاء الضامَّة لهما، وترد بعض أخبارهما في تراجم مَن اتَّصلت علاقتهم بهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>