جِسمي من الوَجْدِ الدَّخيل نحيلُ … وكَذَا الفُؤَادُ متيمٌ معلولُ
لي مُقلَةُ لا ينَقَضِي هَمَلَانُها … وجَوىً على مَرِّ الزَّمانِ طَويلُ
ذَهَبَ الَّذي قد زَال صَبْري بَعْده … عنِّي وحُزني ما أراهُ يزُولُ
قد كُنْتُ أرجُو أنْ يُفَادى ميِّتُ … ويكون منهُ لدَى الحمام بَديلُ
فأكون أوَّلَ باذلٍ نَفْسِي له … لو كان لي فيما أرُوم سَبيلُ
آل المُهَذَّب قد عرتكُم نَكبةُ … والصَّبْرُ عند النَّائباتِ جَميلُ
فقد الرئيس وليسَ يُوجد مثلُهُ … طول الزَّمان لأنَّ ذاك قليلُ
هو مَاجِدٌ من أهل بيتٍ طاهرٍ … وفواضل فيَسَاره مَبذولُ
قد عَاش ذا دعةٍ لأهلِ ودادِه … ولحاسديه صَارمٌ مصقُولُ
تُوفِّي هذا الشَّاعر في سنة تِسْعٍ وأربعين وأربعمائة أو بعدَها، فإنَّه رَثَى أبا العلاء في هذا التَّاريخ.
أحْمَد بن حَمْزَة بن سُوَيْد المَعَرّيُّ
شاعرٌ آخر كان بمَعَرَّة النُّعْمَان، ظَفِرتُ من شِعْره بأبيات وقَعَت إليَّ أيضًا في الجُزءِ الَّذي حمل إلي في مراثي بَنِي المُهَذَّب، يرثِي بها أبا الفَضْل عَامِر بن شهاب وأبا اليُسر عبد الجبار بن مُحمَّد بن المُهَذَّب وهي: [من الطّويل]
يعارض وجدًا في الحَشَا عارضُ الفكر … فينهَلَّ دمعُ العين منّي ولا أدري
وأرفُلُ في ثوب الكآبة كلَّما … تذكّرت فقيري عَامِرًا وأبا اليُسر
تقَيَّيْن حَازا كل فخر وسُؤدَد … فمجدُهما عالٍ على الأنجُمِ الزُّهْرِ
وفِيَّين كانا زاهدين تورُّعًا … فقد أَمنا من كُلْفَة الإثم والوزرِ
وما حيلةُ المُشتَاق فيمن يوَدُّهُ … إذا غَيَّبُوه عنه في ظُلمة القبرِ
وقد رُمتُ صبرًا عنهما فوجَدتُهُ … أمرَّ مذاقًا من مُسَاوَغَةِ الصَّبْرِ