للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَاوُد بن المَغْرِبيّ القُرَشِيّ المُلَقَّب بالصَّفِيّ

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، دَخَلَ حَلَبَ، وامْتَدَحَ بها المَلِك الظَّاهِر غَازِي بن يُوسُف بن أَيُّوب، وسَمِعْتُ بَعْضَ مَنْ لقيَهُ يُثْنِي عليه كَثِيْرًا، ويَصِفُهُ بالخَيْر والصَّلَاح، وحُسْن العِبَادَة، وخَرَجَ عن حَلَب وأقامَ بحَمَاة.

ورَوَى لنا عنْهُ شَيئًا من شِعْره أبو القَاسِم عَبْدُ الله بن الحُسَيْن بن عَبْد الله بن رَوَاحَة، وأبو حَامِد أحْمَد بن المُفَضَّل بن رَوَاحَة الأنْصَاريَّان الحَمَوِيّان.

وقَرأتُ بخَطِّ يَحْيَى بن أبي طَيّ الحَلَبِيّ أنَّهُ وَرَدَ حَلَب سَنَة خَمْسٍ وتِسْعِين وخَمْسِمائَة، واتَّصَل بخِدْمَة أبي الفَتْح ابن المَلِك النَّاصِر صَلاح الدِّين، وامْتَدَحه بقَصِيدَةٍ أوَّلُها: [من الطويل]

أَلَحْظُكِ أمْ ما تَطْبعُ الهِنْدُ يا هِنْدُ

أنْشَدَنا هذه الأبْيَات شَيْخُنا أبو القَاسِم عَبْدُ الله بن الحُسَين بن رَوَاحَة، قال: أنْشَدَني دَاوُد بن المَغْرِبيّ القُرَشِيّ لنَفْسِه:

أَلَحْظُكِ أم ما تَطْبَعُ الهِنْدُ يا هِنْدُ … وقَدُّكُ أم غُصْنٌ مِنَ البَانِ أم رَنْدُ

ووَجْهُكِ أم بَدْرٌ مِنَ النَّقْصِ آمِنٌ … وشَعْرُكِ أم قِطْعٌ مِنَ اللَّيْلِ مُمْتَدُّ

ورِيْقُكِ أم صِرْفٌ منَ الرَّاحِ قرْقَفٌ … وخَدُّكِ أم وَرْدٌ وثَغْرُكِ أم عقْدُ

وجِسْمُكِ أم ماءٌ منَ المزْنِ جَامِدٌ … ولفْظُكِ أم سِحْرٌ وقَلْبُكِ أم صَلْدُ

وريَّاكِ أَم نَشْرٌ منَ المِسْكِ عَابِقٌ … تكَسَّبَ منهُ المنْدَلُ الطِّيْبَ والنَّدُّ

أَبِيْني لنا يا هِنْدُ كيف تَجَمَّعَت … صِفَاتُكِ يا مَنْ ما يَدُومُ لَها عَهْدُ

ومُنِّي على مَنْ شَفَّهُ الوَجْدُ والضَّنَى … بوَصْلٍ إلى كم ذا التَّهَاجُرُ والصَّدُّ

تَجَاوَزتِ حَدَّ الظُّلْم يا ابْنَةَ مَالكٍ … وجُرْتِ فمُنِّي بالوِصَالِ ولو وَعْدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>