للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهْفِي على دِعْصِ رَمْلٍ حازَ مِئْزَرَها … من تَحْتِ غُصْنٍ كغُصْنِ البَانةِ النَّضِرِ

أَسْتَوْدِعُ اللّهَ قَلْبي يَوْمَ ودَّعَها … فقد نَأَى إذ نَأت والرُّوْحُ في الأثَرِ

لَم أنْسَهَا والنَّوَى حَلَّتْ بسَاحَتِها … وقد بَدَتْ بين أتْرَابٍ لها غُرَرِ

بَدَتْ لنا بجَبِيْنٍ كالهِلَال سَنًا … من تَحْت أَسْوَدَ حُلْكُوكٍ من الشَّعَرِ

تَرْنُو بعَيْنَيْ ليَاحٍ لاحَ قانصُهُ … فظَلّ يَرمُقُهُ من شِدَّةِ الذُّعُرِ

لمَّا تراءَتْ رأيْتُ الشَّمْسَ طَالِعَةً … وَقْتَ الضُّحَى ورأيْتُ البَدْر في السَّحَرِ

حَسَّانُ بن كُمُشْتُكِيْن التُّرْكِيّ (١)

صَاحِبُ مَنْبِج وأعْمَالها.

كان أميرًا مَذْكُورًا شُجَاعًا، له صَدَقَةٌ ومَعْرُوف، وابْتَنى بمَنْبِج مَدْرَسَةً وَقَفَها على أصْحَاب الإمَام أبي حَنِيْفَة رَضِيَ اللّهُ عنهُ، ووقَف عليها أوْقَافًا حَسَنةً، وكان قد بَلَغَ بَلَك بن بَهْرَام بن أُرْتُق عنه كَلَامٌ أوْجَب تغيُّره عليه، فسَيَّر ابن عَمّه تَمُرْتَاش بن إيلْغَازِي بن أُرْتُق بقِطْعَةٍ من عَسْكَره، وأمَرَهُ بالمُرُور بمَنْبِج والتَّقَدُّم إلى حَسَّان بالمسير معهم إلى تَلَّ بَاشِر، فإذا خرَجَ قبضُوه، فتوَجَّه تَمُرتاش إليهِ في صَفَر من سَنة ثمان عشرة وخَمْسِمائَة، وفَعَل ما أمَره بهِ، وقَبَضَ على حَسَّان، ودَخَلُوا مَنْبِج، وعَصَى عليه الحِصْن فلم يُسَلَّم إليهِ، وسيَّرَهُ إلى خَرْتَبِرْب (٢)، وحَبَسَهُ في جُبٍّ، ودامَ على حَصْر مَنْبِج، ووصَل بَلَكُ بنَفْسه، فضَرَبَهُ سَهْمٌ من الحِصْن


(١) كان موضع هذه الترْجَمَة في الأصل بعد تَرْجَمَة حسان بن نُمَيْر، فكتب ابن العديم عندها: "تقدَّم هذه التَّرْجَمَة إلى ما قبل حسان بن مَالِك"، فوضعناها حسبما أشار وأبقينا على ترقيم أوراق الأصل كيفما اتَّفقت.
وتوفي حسان التركي سنة ٥٤٩ هـ، وانظر أخباره عند ابن القلاني: ذيل تاريخ دِمَشْق ٣٤١، ٣٨٥، ٣١٥، ابن الأثير: الكامل. ١٠: ٦١٩، ١١: ٥٧، وفيه: حسان البعْلَبَكّيّ، زبدة الحلب ١: ٤١٤ - ٤١٦، ٢: ٤٧٠، ابن خلدون: العبر ٩: ٦٤١، وفيه: حسان التغلبي.
(٢) خرتبرت: هي المعروفة بحصن زياد، تقع في أعلى ديار بَكْر، بينها وبين ملطية مسيرة يومن، ويفصل بينهما نَهْر الفرات. ياقوت: معجم البلدان ٢: ٣٥٥ - ٣٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>