وَقَفْتُ في مَدَائِح نَصْر بن صالح الّتي جَمَعَها أحْمَدُ بن خَلَف المُمْتِع المَعَرِّيّ على قَصَائِد من شِعْره فيه بخَطِّ المُمْتِع، منها قَوْله: [من البسيط]
قَلْبٌ تَصَدَّعَ مِن وَجْدٍ وبَلْبَالِ … وعَبْرَةٌ ذَاتُ تَسْكابٍ وتَهْطَالِ
كأنَّ دَمْعِي وقد فَاضَتْ بَوادِرُهُ … مَاءُ الغَمَامِ جَرَى من رُوْسِ أَجْبَالِ
صَدَّ الحبَيْبُ الّذي ما كُنْتُ أحْسِبُهُ … يَصُدُّ فازْدَاد تَسْهِيْدِي وتَعْوَالي
لئن نَأَى وسَلَا عنِّي وأرَّقَني … فلَسْتُ عنهُ وإنْ سُلِّيْتُ بالسَّالِي
يا لَيْلَةً جَمَعَتْنا تَحْتَ حِنْدِسِهَا … وكشَّفَتْ سِتْرَها من بَعْدِ إسْدَالِ
عُوْدِي عَلينا فقَدْ عَادَتْ شَقَاوَتُنا … وإنَّ جِسْميَ مِن تَذْكارها بَالِ
قال فيها:
قَتَّالةٌ لا تَزَال الدَّهْر جَانيةً … لا تأْتَلي من هَوَانِي بَعْدَ إجْلَالي
خُمْصَانَةُ الكَشْحِ مِعْطَارٌ مُنَعَّمةٌ … كأنَّها ظبْيَةٌ بالأمْعَزِ الخَالِ
تَسْبي الحَلِيْمَ بألْحاظٍ مُفَتَّنةٍ … مَغْنُوجةٍ كُحلَتْ من غير إكْحَالِ
تَمْشِي إذا برَزَتْ من بَيْتِ جَارَتها … مَشْيَ البَخَاتِيِّ في وعْثٍ وأوْحَالِ
تُصْغي إذا عُذِلَت فينا فتهجُرُنا … ذَاتُ الدَّلال ولا أُصْغِي لعُذَّالِ
يا مَنْ شَغُفْتُ بها حتَّى ذللْتُ لها … كأنَّني مُجْرِمٌ يُدْعَى إل وَالِ
جُوْدِي علينا فقد جَادَ المَلِيْكُ لنا … بمفضِلٍ عَمَّنا منهُ بأفْضَالِ
وممَّا نَقَلْتُهُ من خَطِّ المُمْتِع من مَدَائِح نَصْر بن صالح قول حَسَّان في الحُبَاب أيضًا من قَصِيدَة: [من البسيط]
شَمْسٌ بألْحاظِ عَيْنيهَا ظُبا البُتُرِ … مَشْهُورةٌ وَكَّلَتْ عَيْنَيَّ بالسَّهَرِ
فَتَّانَةٌ فتنَتْ قَلْبيَ إذِ احْتَكَمَتْ … في مُهْجَتي فتَنَاهَتْ شِدَّةُ الضَّرَرِ
ووَرَّدَ الدَّمْعَ في خَدِّي تَوَرُّدَ ما … في صَحْنِ وجْنَتِها الزَّاهِي مع الأُزُرِ
ما قَلَّبَ القَلْبَ في نارٍ وأحْرَقَهُ … إلَّا تقَلُّبُ ما يَبْدُو من الأُزُرِ