للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُذَاكَرَةً من حِفْظه، يقُول: سَمِعْتُ القَاضِي أبا يُوسُف عَبْد السَّلام بن مُحَمَّد القَزْويني يقُول: اجْتَمعتُ -يعني بأبي العَلَاءَ أحْمَد بن عَبْد الله بن سُلَيمان المَعَرِّي- فَجَرَى بيننا كَلَامٌ، فقال أبو العَلَاء: ما سَمعتُ في مَرَاثِي الحُسَين بن عليّ رضِيَ اللهُ عنهُما مَرْثِيَّة تُكْتَب، قال: فقُلتُ لَهُ: قد قال رَجُلٌ من فلَّاحِي بَلَدِنا أبْيَاتًا يَعْجزُ عنها شَيْخ تَنُوخ، فقال لي: أنْشِدنيْها، فأنْشَدتُهُ (١): [من الكامل]

رَأسُ ابْنِ بنْتِ مُحَمَّدٍ ووَصِيِّهِ … للمُسْلمين على قَنَاةٍ يُرْفَعُ

والمُسْلُونَ بمنظَرٍ وبمَسْمَعٍ … لا جَازِعٌ فيهِمْ ولا مُتَفَجِّعُ

كُحِلَتْ بمنظَرِكَ العُيُونُ عَمَايةً … وأصَمِّ رُزْؤُكَ كُلَّ أُذْنٍ تَسْمَعُ

أيقظْتَ أجْفَانًا وكُنْتَ أنَمْتَها … وأَنَمْتَ عَيْنًا لَم تكُن بكَ تَهْجَعُ

ما رَوْضَةٌ إلَّا تَمنَّتْ أنَّها … لكَ تُرْبَةٌ ولخَطِّ قَبْرِكَ مَضْجعُ

فقال لي أبو العَلَاءِ: واللهِ ما سَمِعْتُ أرَقّ من هذا.

قلتُ: قد رُثِيَ الحُسَين رِضْوَان الله عليه بأشْعَار كَثِيْرة لو بَسَطْتُ يَدي إلى إيراد جُمْلَةٍ منها لطال ذِكْرُها، وامْتَنعَ حَصْرُها، فاقْتَصَرتُ منها على هذا القليل خَوْفًا من الإكْثَار، وتجنُّبَا للتَّطْويل.

الحُسَينُ بن عليّ بن عُبَيْد الله بن مُحَمَّد بن عَبْد اللهِ أبي أُسامَة بن مُحَمَّد بن بُهْلُولٍ أبي لأُسامَة، أبو القَاسِم الأُسَامِيُّ الحَلَبِيُّ (٢)

من وَلدِ أُسامَة بن زَيْدٍ، من بيتٍ مَشْهُور بحَلَب، كان فيهم الفُضَلَاءُ والخُطَبَاءُ والمحدِّثُون، وأبو القَاسِم هذا كان أَدِيبًا فَاضِلًا، شَاعِرًا، مُحَدِّثًا.


(١) تنسب الأبيات لدعبل، ديوانه ٢٢٥ - ٢٢٦، وانظرها أيضًا في معجم الأدباء ١: ٣٠٦ - ٣٠٧.
(٢) توفي سنة ٤٦٨ هـ، وترجمته في: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم لابن زبر (ذيوله) ٣٨١، تاريخ بغداد ١٣: ٨٨، تاريخ ابن عساكر ٣٦: ٢٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>