لا تُصْحِبَ الدَّهْر عزمًا واصْحَب الجَزَعا … لا تُطِعْ زَاجِرًا عنهُ وإنْ وزَعَا
أتَابعٌ أَنا مَنْ لم يدْرِ ما كمدَي … وقد رأَيْتُ الفَتَى من كان متّبعا
لو قَلْبُه بين أحْشَائي إذًا لرأَى … قَلْبًا تُقَطِّعه أيْدِي الجَوَى قِطَعَا
وَيْحَ الرَّدَى رَامِيًا لم تُشْوِ أسْهمُهُ … وفاجعَ الخَطْبِ لم يَعْلَمْ بمَن فجَعَا
أمخلِصُ الدَّوْلَةِ اعْتَاقَتْ حَبَائلهُ … لا حبَّذا بك من ناعٍ إليَّ نَعَا
قال في آخرها يُخَاطبُ أبا الحَسَن عليًّا ولدَهُ: [من البسيط]
ما جَار حُكْمُ اللَّيالِي عن سَجيَّتِهِ … ولا استَسَنَّ الرَّدَى فيكُم ولا ابْتَدعَا
هذي سَبيلُ الرَّدَى (a) من قَبْلِنا سَلَفُوا … وسوْفَ نَمْضِي على آثارهِم تَبَعَا
لو خُلِّدُوا لم تكُنْ هذي مَنَازِلنُا … ولم نَجِدْ مَعَهُمْ في الأرْض مُتّسَعَا
فعِشْتُمُ يا بَني نَصْرٍ ولا سَلَبَ الـ … ــرَّحْمَنُ أنْعُمَهُ عنكُم ولا نَزَعَا
كانت وَفَاةُ مُقَلَّد بن نَصْر في ذِي الحجَّة سَنَة إحْدَى وخَمْسِين وأرْبَعِمائة، فقد تُوفِّي أحْمَدُ بن يَعْقُوب بعد ذلك.
أحمدُ بن يُمْن بن هَمَّام بن أحْمَد بن أحْمَد بن الحُسَين، أبو العبَّاسِ العُرْضِيُّ
من أهْل عُرْض، بَلْدَة من المَنَاظِر من عَمَل قِنَّسْرِيْن، والقُرْب من رُصَافَة هِشَام. انْتَقَلَ إلى دِمَشْق وسَكَنها، واكتسَبَ بها أمْوَالًا، وحصَّل بها أمْلَاكًا، وكان له شِعْر حَسَن، رَوى لنا عنْهُ شَيئًا من شِعْره شِهَاب الدِّين أبو المَحَامِد القُوصِيّ.
(a) هكذا في الأصل، ولعل الأوجه: الأُلى، كما ارتضاه إحسان عباس فيما جمعه في كتابه: شذرات من كتب مفقودة ١٢٨.