فارسٌ، شَاعِرٌ، أعْرَابيّ من بني كِلَاب، قَدِمَ حلَبَ على سَيْف الدَّوْلَة أبي الحَسَن بن حَمْدَان، وحَكَى له حِكايَةَ عِشْقه الصَّيْقَلَ (a) بنت طَرَّاد بن خَشْرَم الأسَدِيّ، فاسْتَحْسنَ سَيْفُ الدَّوْلَة خَبَرَهُ وزوَّجَهُ إيَّاها، وأحْسَنَ إليهما.
قرأتُ الحِكايَة في مَجْمُوعٍ عَتِيق مَكْتُوب في أيَّام سَيْفِ الدَّوْلَةِ، أو قَريب من عَصْره، وشَاهدتُها في المَجْمُوع على الصُّورَة الّتي أذْكرُها بخَطِّ بعض الأَخْبَارِيِّيْن في جُزءٍ وَقَفْتُ عليهِ في وَقْف الإمَام النَّاصِر أبي العبَّاس أحْمَد بالخَلاطِيَّة في الجانب الغَرْبيّ ببَغْدَاد.
قال: وبَلَغَني أنَّ سَيْف الدَّوْلَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وفَد عليه الأعْسَرُ بن مُهَارِش الكِلابِيّ في ثلاثين رَجُلًا من بني كَلَاب، بعدما صالَح سَيْف الدَّوْلَة بني كِلَاب، فدَخَلُوا عليه فخطَبُوا خُطَبًا حَسَنَةً، فأجازَهُم، وأعْطاهُم، وكانوا أتُوا في رَسَائِل، فأقامُوا يَنْتَظرُونَ الجَوَاب لرَسَائِلهم.
وكان الأعْسَرُ يحضُر مَجْلِس الأَمِير سَيْف الدَّوْلَة في كُلِّ يوم، فإنَّهُ ذات يَوْم في مَجْلِسهِ، إذ أخَذُوا في حديث العِشْق والتَّتَيَمُّ، فقال أبو فِرَاسٍ الحَارِث بن حَمْدَان: أيُّها الأَمِير، بَلَغَني أنَّ مع الأعْسَر طَرْفًا من ذلك فاسْألهُ يُخبرك، فقال سَيْفُ الدَّوْلَة: حَدِّثنا حيَّاكَ اللَّهُ فإنَّا نُحِبُّ حديثَكَ، فقال: أيُّها الأَمِيرُ، أمَّا إذ سَألْتَني قبل إعْلامي لك فإنِّي سأُحدِّثُكَ: إعْلَمِ أيُّها الأَمِير، أطالَ اللَّهُ بَقَاءَكَ، أنَّا كُنَّا نَسْكن بِسِنْجَار، وخيامُنا هناك، وكان على فرْسَخين منِ حِلَّتنَا حِلَّهُ بَني أَسَدٍ، وكان لي فيها وَدُّ كان لوالدي وصَدِيْق يُقال لهُ طَرَّاد بن خَشْرَم، وكُنت كَثِيْرًا أطْرقُه وأسَلِّم عليه وعلى جَمَاعَةٍ أوَدُّهُم من الحِلَّةِ.