للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَكَى لنا شَيْخُنا الصَّاحِبُ قاضِي القُضَاة أبو المَحَاسِن يُوسُف بن رَافِع بن تَمِيْم، قال: كان أبو الحَسَن بن أبي خَازِن شَابًّا ذَكيًّا، وكان يَقْرأُ عليَّ الفِقْه (a) بالمَوْصِل هو وجَمَاعَة معه، فشَاورَني يَوْمًا في أكْل تَمْرِ البَلَاذُر، فنَهَيْتُه عن ذلك، فَمضَى هو ورَفِيْقانِ له واشْتَروا منه شيئًا ودَقُّوه وجَعَلوه في هَرِيْسةٍ وأكَلُوها، فجاءني أبو الحَسَن ابن أبي خَازِن ووَجْهُه قد اكْمَدّ، فوَقَفَ معي في صَحْنِ المَدْرَسَة، وأخْبرَني أنَّهُ أكَلَ تَمْر البَلَاذُر، فلم أُنْكِر عليه خَوْفًا من أنْ يَسْتَشْعِر ويَتَوهَّم، فهوَّنْتُ الأمرَ عليه، فجَعَل يُحَادثُني ونحنُ نَمْشِي، ثمّ دَخَل إلى بَيْتِه في المَدْرَسَة، فأخْرَج الجَرَّة والإبْرِيْق والكَانُون وجَمِيعَ حَوَائِجهِ، فعَلمْتُ أنَّهُ قد أثَّر معه، فسَكَّنْتُه ثمّ أَقَمتُ عليه مَنْ يُعَالجهُ ويُطْعِمُه الهَرِيْسة في كُلِّ يَوْم، فواظَبَ ذلكَ إلى أنْ سَكَنَ عنه.

ثمّ غلبَ عليه الأدَبُ وأثر الذَّكَاءُ معه في الشِّعْر، فكان يَنْظِم شِعْرًا جَيِّدًا إلى الغايةِ، وجاء إلينا إلى حَلَبَ، ونَزَل عندنا بالمَدْرَسَة.

قال لي أبو الفَتْحِ البَغْدَاديّ المُقْرِئ: تُوفِّي أبو الحَسَن بن أبي خَازِن القَلَانِسِيّ بمَيَّافَارقِين.

أبو الحَسَن بن أبي نَصْر الكِنَانِيُّ العَسْقَلانِيُّ (١)

واسْمُه عليّ بن مُحَمَّد، وهو مَشْهُور بكُنْيَتهُ وكُنْيَة أبيهِ.

شَاعِرٌ قَدِمَ حلَبَ، ولَم أظْفَر بشيءٍ من شِعْره، ووَقَفْتُ في شِعْر أبي بَكْر الصَّنَوْبَريّ على أبْيَاتٍ كَتَبَها الصَّنَوْبَريُّ إليه يُجِيْبُه عن أبْيَاتٍ كَتَبَها إليه،


(a) م: على الفقيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>