للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كُنتُما خِدْني سُهادٍ ولَوْعَةٍ … وعندَكما من لَاعِج الشَّوْق ما عِنْدِي

لَمَا لُمْتُماني في الهَوَى ورثَيْتُما … لمَنْ باتَ منه في جِهَادٍ وفي جَهْدِ

فهل نَفْحَةٌ من جَوِّ هِنْدٍ أَسُوْفُها … وقد عَبقَتْ أعْطَافُها من رُبَى نَجْدِ

عَلِيْلَة أنْفَاسٍ إذا ما تَنَفَّسَتْ … أتَتْكَ بأنْباءٍ عن البَان والرَّنْدِ

لعَلِّي أنْ أُطْفِئ بها نار لَوْعَتي … إذا خَطَرَتْ أو أنْ أكفَّ بها وَجْدِي

وكيف تكفُّ النَّار نَاسِمَةُ الصَّبَا … وما بَرحَتْ بالرّيح سَاطِعَة الوَقْد (a)

أيا طَلَلَى هِنْدٍ سَلَامٌ عليكما … وإنْ هجتُما لي الوَجْدَ يا طَلَلَى هِنْدِ

فكم أرَبٍ قضَّيْتُه في رُبَاكما … وعَيْشٍ تقضَّى في ظِلَالِكُما رَغْدِ

وخَاليَةٍ بالحُسْنِ حَاليَةٍ به تَرُوحُ … على وَصْلٍ وتَغْدُو على صَدِّ

من البيضِ يَمْتَارُ الضُّحَى من جَبِيْنها … وجنْح الدُّجَى من فَرْعِها الفَاحم الجَعْدِ

إذا جَالَ لَحْظُ العَيْن في حُسْن وَجْهها … أبَى الحُسْنُ فيهِ أنْ يَقِر على حدِ

وإنْ سحبَتْ ريْطَ الدَّيَاجِي لزوْره … وأبْدَتْ من الأشْوَاق مثْل الّذي أبْدِي

فمن رِيْقها خَمْري ومن حُسْن لَفْظها … سَمَاعِي ومِنْ تَوْرِيدِ وَجْنَتها وَرْدِي

وَفَتْ لي ولَوْنُ الرَّأسِ أسْوَد حَالِكٌ … يَرُوْق فلمَّا حال حَالتْ عن العَهْدِ

لإنْ بيَّضَتْ رَأسي السُّنُون بمَرِّها … لَمَا هَصَرتْ فَرْعِي ولا ثلَمَت حَدِّي

وما زلْتُ ورَّادًا على كُلِّ خُطَّةٍ … إذا ما أنارَتْ حُلّةٌ للرَّدَى تُرْدِي

وأعْرضُ عن شُرْب النَّمير وبي ظَمأً … شَدِيْدٌ وذَوْدُ الهُون يُسْرع في وِرْدِي

وإنِّي إذا ما اسْتَفْحَل (b) الخَطْبُ وانْبَرَت … زحُوفُ الرَّزَايا في طراد وفي طرْدِ

لأرْكَبُ أطْرَافَ العَوَالي إلى العُلَى … وقد صَحَّ عندِي أنَّهُ مَرْكب مُرْدِ

وأرْكَب حَتْفي والحَيَاةُ شهيَّةٌ … لها بين أنْيَاب الأسَاودِ والأُسْدِ

ولو كان يُجْدِي الاحْتِرَازُ لعِفْتُه … فكيفَ وما يُغْنِي فَتِيلًا ولا يُجْدِي


(a) الأصل: الوفد.
(b) م: استعجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>