للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَدْتُ في بعض تَعَالِيْقي أنَّ ناصِر الدَّوْلَةِ الحَسَنَ بن عَبْد اللَّه بن حَمْدَان، سخطَ على كاتبٍ له، وألْزَمَهُ مَنْزِلَهُ، فاسْتُؤْمِر في إسْقَاطِ المُقَرَّر له، فقال: إنَّ المُلُوكَ يُؤَدِّبُونَ بالهِجْرَان ولا يُعَاقِبُونَ بالحِرْمانِ.

ووقَّعَ في رُقْعَة صَدِيْق كَتَبَ إليه يَعْتَذرُ من التَّأخُّر عن حَضْرته: أنْتَ في أوْسَع العُذْر عند ثِقَتي بكَ، وفىِ أَضْيَقِه عندَ شَوْقي إليكَ.

أنْبَأنَا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّامِيِّ إذْنًا، عن أبي القَاسِم بن أحْمَد، عن أبي أحْمَد المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ (١) إجَازَةً، قال: وكان النَّاسُ يَكْتُبونَ على الدَّنَانِيْر (a): مُحَمَّد رسُول اللَّه، فزادَ ناصِر الدَّوْلَة: صَلَّى اللَّهُ عليهِ، فكانت هذه مَنْقَبَة لآل حَمْدَان ما كانت لغيرهم؛ تفرَّدَ بها ناصِرُ الدَّوْلَة.

قال: ورَأيتُ له تَوْقِيعًا على قِصَّة مُتَظَلِّم: قد نَصَبَ اللَّه الحُكَّام، وأنْفَذَ أوامرهُم على الوُلَاةِ كما أنْفَذَها على الرَّعِيَّةِ، ولو كان إلينا تَصْريفهم في الحُكَّام على مُرَادِنا، لكفَفْناهُم عمَّا نَكْره من الأُمُور المُعِيْنَة علينا، لكن لا وِلَايَةَ لنا عليهم إلَّا في الاسْتِبْدَالِ بالمُتَسمِّح منهم، فإنْ أعَادَك إلينا ضَعْفًا لا افْتتَنانًا عضَدْناه بالإمْدَاد، وأغْنَيْنَاهُ عن الاسْتِنْجَادِ.

قال مُحَمَّد بن عَبْد الَمَلِك بن الهَمَذَانيّ، في كتاب عُنْوَان السِّيَر (٢): ولَم أَيَزَل -يعني ناصِر الدَّوْلَة- مُسْتَوليًا على ديار المَوْصِل وغيرها حتَّى قَبَضَ عليه ابنُهُ أبو تَغْلِب


(a) في كتاب الصولي: يكتبون على الدينار: لا إله إلا اللَّه من جانب، محمد رسول اللَّه؛ من الجانب الآخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>