وكان فيهما ولاةُ المَلِك رِضْوَان بن تاج الدَّوْلَة، فكان يلي تلّ هَرَاق عزَّك (a) بن الوَزِير أبي النَّجْم، وكان المَلِك رِضْوَان يُنَادمُه ويَضْحك من حكاياتهِ، فَشَربَ عندَه ليلةً، فعَرْبد عليه المَلِك رِضْوَان وضَرَبَهُ، فخرجَ من المجلسِ، وسَار من حَلَب، ووصَل إلى شَيْزَر، وعليه آثار العَرْبَدَة وعَيْناه مُحضرَّتان، فَحَكَى يَوْمًا، قال: بَلَغني أنَّ بالرَّاوَنْدَان أُسَارَى إفْرَنْج، وقد وثَبُوا في حِصْنها ومَلكوه، فسِرْتُ من تلّ هَرَاق إلى الرَّاوَنْدَان؛ نزلتُ عليهِ، وراسَلتُ الإفْرَنْج الّذين مَلكُوه، وتلطَّفْتُ في أمْرهم، إلى أنْ اسْتَقرَّ أني أحْلِف لهم أنَّهُم آمنُونَ وأني أُسَيِّرهم إلى أَنْطاكِيَة ويُسَلِّمُوا لِيَ الحِصْنَ، فَخَلفتُ لهم، وخَرَجُوا، وأطْلقَتْهُم، وتَسَلَّمْتُ الحِصْنَ، وِاعْتَقَدْتُ أنَّني قد خَدَمْتُ المَلِك رِضْوَان خدمةً يراها لي لاسْتخلَاصِي الحِصْن مَعِ قُرْبه منَ الفِرِنْج، فلهَّا وَصَلتُ حَلَب، بلغَني أنَّ المَلِك رِضْوَان قال -لَمَّا بلغَهُ الخَبَر-: قد ضَيَّعَ عليَّ عزَّك ألفَ دِيْنارٍ ثمن الأسَارِى، فجَلَسْتُ من الغد في الدَّرْكاةِ والأُمراء فيها مُجْتَمعُون، وقُلتُ: سَمِعْتُ أنَّ مَوْلانا قال: ضيَّع عَليَّ عزَّك من ثَمن الأسارى ألف دِيْنار [ ..... ](١).
(a) كذا رحمه مشددًا، ولم أقف له على ذكر سوى عند ابن العديم وما نقله عه ابن شداد: الأعلاق الخطيرة ١/ ٢: ٢٢. أما والده فمعروف، وهو هبة الله بن محمد بن بديع، أبو النجم الوزير الأصبهاني، وزر لتاج الدولة تُتُش أخي ملكشاه، ثم لابنه رضوان، وتوفي سنة ٥٥٢ هـ، انظر: زبدة الحلب ١: ٣٥٢، الوافي بالوفيات ٢٧: ٣١٦.