أنبأنَا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بنُ عَبْد الوَاحِد، وقال - ونَقَلْتُه من خَطِّه -: أحْمَدُ بن عَبْد الوَاحِد بن أحْمَد بن عبد الرَّحْمن بن إسْمَاعِيْل بن مَنْصُور، أبو العبَّاس أخي، يُعْرَف بالبُخاريّ، وهو ممَّن يشتَغل بالعِلْم من صِغَره إلى كِبَره، وبرَّز على أقْرَانهِ، ودَخَل خُرَاسَان وغَزْنَة ومَا وَرَاء النَّهْر، وأقامَ مُدَّةً ببُخَارَى، ولَحِقَ الرَّضِيّ النَّيْسَابُوريّ، وعلَّق عليه الخِلَافَ، وكان قَبْل ذلكَ قد اشْتَغَل ببَغْدَاد علي أبي الفَتْح بن المَنِّيّ، رَحِمَهُ اللهُ.
وسَمِعَ الحَدِيْث الكَثِيْر بدِمَشْق، وبَغْدَاد، ووَاسِط، وهَمَذَان، ونيسَابُور، وهَرَاة، وبُخَارَى؛ فسَمعَ بدِمَشْقَ: أبا المَعَالِي عبد الله بن عبد الرَّحْمن بن صَابِر، وأبا الفَهْم عبدَ الرَّحْمن بن عَبْد العَزِيْز الأزْدِيّ المَعْرُوفُ بابنِ أبي العَجَائِز، وأبا المَجْد الفَضْل بن الحُسَين بن البَانياسِيِّ، وأبا طَالِب الخَضِر بن هِبَة الله بن طَاوُس، وعَبد الرَّزَّاق النَّجَّار، ومُحَمَّد بن عليّ البَحْرَانِيّ، وغيرهم. وببَغْدَاد، سَمِعَ: أبا الفَتْح عُبَيْد الله بن عَبْد الله بن شَاتِيْل، وعَبْد المُغِيْث بن زُهَيْر، وأبا السَّعَادَات نَصْر الله بن عبد الرَّحْمن القَزَّاز، وغيرهم. وبنَيْسَابُور: أبا البَرَكَات عَبْد المُنْعِم الفَرَاوِيّ، وخَلْقًا كَثِيرًا يَطُول ذِكْرهُم.
وأقام في سَفَرهِ نَحْوًا من أرْبعَ عَشرة سَنَة، ورَجَع إلى وَطَنهِ، ووجَد أصْحَابُنا به راحَةً عَظِيمَةً من قَضَاءِ حَوائجهم عند السَّلَاطين والحُكَّام والوُلَاة، مع عِفَّةٍ ودِيْنٍ وأمَانَةٍ، وقَلَّ منْ رآهُ وعَرِفَهُ إلَّا أحبَّهُ من قَريِبٍ أو بعيدٍ، حتَّى أنِّي سَمِعْتُ من بعضِ مَن يُخالِفُنا أنَّهُ قال لشَخْصٍ: لِمَ لا تكُون مثل البُخاريّ الّذي
= محمد بن عبد الواحد المقدسي (ت ٦٤٣ هـ)، محدث حافظ وعالم بالرجال، له مؤلفات عديدة، ونقل اليونيني أيضًا من كتابه سير المقادسة في ذيل مرآة الزمان ٢: ٠٦٥ انظر ترجمته في فوات الوفيات ٣: ٤٢٧، الزركلي: الأعلام ٦: ٢٥٥.