للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالت أم مُحَمَّدٍ: وكان يُهَلِّل تهليلًا فَصِيحًا.

وقال: سَمِعْتُ الحافِظ أبا مُولىَ عبد الله بن الحافِظ عَبْد الغَنِيّ يقول: لمَّا ماتَ كَافُور الخَادِم المُنْتمَى إلى ستِّ الشَّام، رأيْتُه تلكَ اللَّيْلة في المَنَام وهو في هَيئَةٍ حَسَنَةٍ، وعليه لباسٌ حَسَنٌ، فوقَفْتُ معه سَاعةً يُحدِّثُني، ثمّ عَرفْتُ أنَّهُ ماتَ. فقُلتُ: ما فَعَلَ الله بكَ؟ قال: خَيْرًا، وشَرَع يَصفُ لي ما أنْعَم اللهُ به عليه، فقلتُ: هل لقيْت أصْحَابَنا؟ فقال: نعم، فقُلتُ: فَمن فيهِم أفْضَل، فقال: ما أُعْطِي أحَدٌ مثل ما أُعْطِي الشَّمْس البُخاريّ، أو قال: ليس أحَد مثل مَنْزِلةِ الشَّمْس البُخَاريّ.

أخْبَرَنا الحافِظ رَشِيْد الدِّين يَحْيَى بن عليّ في مُعْجَمه، قال: الشَّيْخ أبو العبَّاس هذا - يعني البُخاريّ - من أهل دِمَشْق، فَقِيْه فَاضِل من فُقَهَاء الحَنَابِلَة، ويُعْرَفُ بالشَّمْس البُخاريّ، وأصْلُهم من البيت المُقَدَّس أو من أعْمَالهِ.

حَدَّثَ عن جَمَاعَة من شُيُوخ الشَّام والعِرَاقَ، وكانَ مَوْلدهُ في العشر الآخر من شوَّال سَنَة أرْبَعٍ وسِتِّين وخَمْسِمائَة، وتُوفِّيَ لَيْلَة الجُمُعَة الخامس عَشر من جُمَادَى الآخرة سَنَة ثَلاثٍ وعشرين وستِمائة. كَتَبَ إليَّ مَولده ووَفَاته أخُوه الحافِظ أبو عَبْد الله.

وذَكَرَ الحافِظُ أبو مُحَمَّد عبد العَظِيْم بن عَبْد القَوِيّ المُنْذِريّ في كتاب التَّكْمِلَة (١): أنَّهُ ولي القَضَاء بحِمْص! وليس كذلك، وإنَّما وَلِيَ التَّحْدِيث بحِمْصَ في أيَّام الملك المجاهِد شِيرْكُوه بن مُحَمَّد، أحْضَرهُ إليها للتَّحْديث، فظَنَّ النَّاقِل أنَّهُ وَلي القَضَاء، وكان قاضي حِمْص صالح بن أبي الشِّبْلِ، قبل وُصُول البُخاريّ إلى حِمْص، واسْتمرَّ في قَضَائها إلى بعد وَفَاة البُخاريّ ووفَاة شِيرْكُوه.


(١) التكملة لوفيات النقلة ٣: ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>