قَرأتُ في مَرَاثِي بني المُهَذَّب المعَرِّيّين أبيَاتًا لأبي الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن مِسْعَر يَرْثِي بها الشَّيْخ أبا القَاسم جَعْفَر بن عليّ بن المُهَذَّب، وهي على وَزْن قَصِيدَة أبي العَلَاء أحْمَد بن عَبْد الله بن سُلَيمان وقافيتها، رَثَى بها أبو العَلَاء جَعْفَر المَذْكُور، وأوَّلُ قَصِيدَة أبي العَلَاء (١): [من السريع]
أحْسَنُ بالوَاجدِ من وَجْدِه
وقَصِيدَة أبي الفَضْل بن مِسْعَر: [من السريع]
يا سَيِّدًا غُيِّبَ في لَحْدِه … جَازَ مُصَابي بكَ عَن حَدِّهِ
بَعْدَ عليّ وابنِهِ جَعْفَرٍ … لا تَلُم الوَاجدَ في وجدهِ
رَماهُما الدَّهْرُ بخَطْبٍ وقد … كانا هُما وَاسِطَتَيْ عقده
رأيتُ هذا الدَّهْرَ أحْدَاثهُ … تُحلِلُ المحكم من عقدِهِ
أيّ سُرُور لكَ لم تقصِهِ … وأيّ حُزْنٍ لكَ لم تهدِهِ
وأيّ خَطْبٍ بكَ لم تغرِه … وأيّ أحْبابكَ لم تُردهِ
ما لي على عُدْوانِه نَاصِر … ولا يَدٌ تَدْفعُ من أيدهِ
كَابَدْت مُرَّ الصَّبْر من بَعْد مَن … فَقَدْتُ حُلوَ العَيْشِ مع فقدهِ
أضحت بي الأحْزَانُ مُلتفَّةً … لمَّا غَدَا قَدْ لُفَّ في بُردهِ
ذَممتُ دَهْري بعد فقْدانِهِ … وكُنْتُ قد أطْنبتُ في حمدهِ
فالآن لا أصْغِي إلى عَاذلٍ … يَعْذُلُنِي في الحزنِ من بعدهِ
قد كان يَخْشَى اللهَ في هَزْله … ويتقى الرَّحْمَن في جدِهِ
إنْ غابَ عنَّا فلَهُ أنْجُمٌ … طالعَةٌ باليمنِ من سعدهِ
ما منهمُ إلَا فَتَىً مَاجِد … كالصارم المَشْهُورِ من غِمدِهِ
(١) سقط الزند ٣٤، وعجزه: صبر يُعيدُ النارَ في زنْده.