قرأتُ على ظَهْر كتاب مَعَاني القُران للفَرَّاءِ (١)، بخَطّ أبي عَبْدِ اللهِ الحُسَين بن أحْمَد بن خَالَوَيْه الهَمَذَانيّ، مَكْتُوبًا بخَطِّ بعض تَلَامذتهِ، أظُنُّه عَمَّار بن الحُسَين بن عليّ بن حَمَّاد المَوْصِليِّ، قال ابنُ خَالَوَيْه: حضَر ذات يَومٍ عندي أبو إسْحاق بن شهرَام، وأبو العبَّاس ابن كاتب البكْتَمُرِيّ، وأبو الحَسَن المَعْنَوِيّ، فأنْشَدَ عَمَّارٌ بيتًا على فصّ خاتمه وهو (٢): [من الطويل]
وكُلُّ مُصِيْبَاتِ الزَّمان وَجَدْتُها … سِوَى فُرْقَةِ الأحْبَابِ هَيِّنةَ الخَطْبِ
وسأل الجَمَاعَة إجازَتَهُ، فقال أبو إسْحاق بن شهرَام: [من الطويل]
وكُلُّ مُصِيْبَاتِ الزَّمانِ وَجَدْتُها … سِوَى فُرْقَةِ الأحْبَابِ هيّنةَ الخَطْبِ
وقد قالَ ليْ قَوْمٌ تبدَّلْ سِوَاهُمُ … لعلَّك تَسْلُو إنَّما الحُبُّ كالحُبِّ
ومَن لي بسَلْوى عنهُمُ لو أطَقْتُها … ولكنَّ عَذْلِي ليسَ يقبَلُهُ قَلْبي
فيا حِبُّ لا تَبْخلْ علِيَّ بقُبْلَةٍ … تَرُدُّ بها نَفْسِي فيَغْبطَنِي صَحْبي
فإنِّي وبيتِ اللهِ فيكَ معذَّبُ الـ … ـفُؤَادِ عَلِيْلُ القَلْبِ مُخْتَلسُ اللُّبِّ
وليْ مثَل قد قالهُ قبلُ شَاعِرٌ … إذا ازدَدْتُ منهُ زِدْتُ ضَرْبًا على ضَرْبِ
خرجْتُ غَدَاةَ النَّفْر أعْتَرضُ الدُّمَى … فلم أرَ أحْلَى منكِ في العَيْنِ والقَلْبِ
فوالله ما أدْرِى أَحُسْنًا (a) رُزقتِهِ … أم الحُبُّ أعْمَى مثلَ ما قيلَ في الحُبِّ
وقال أبو العبَّاس: [من الطويل]
وكُلُّ مُصِيْبَاتِ الزَّمانِ وجَدْتُها … سِوَى فُرْقَةِ الأحْبَابِ هَيِّنَةَ الخَطْبِ
فيا أسَفي لو كانَ يُغْني تَأسُّفٌ … ووَاكُرْبَتي لو روّحَتْ شِدَّة الكَرْبِ
شَربتُ بكأسِ الهَمِّ خَمْرَ فِرَاقِهِم … فأصْبَحتُ سَكْرانَ السُّرُورِ بلا شُرْبِ
(a) في إعادته للرواية في ترجمة أبي إسحاق بن شهرام (الجزء العاشر) وأيضًا في تذكرة ابن العديم: أحُبًّا.