للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم يَزَلْ يَطُوِفُها (a)، فلمَّا أراد الخُرُوجَ قال لي: إنَّ مِن شَأن الغُرَبَاء وذَوي (b) الأسْفَار، منْ نَزحَت دارهُ عن إخْوانه وأتْرابه، إذا دَخَلَ مَوضِعًا مَذْكُورًا، ومَشْهَدًا مَشْهُورًا، أنْ يَجْعَل لنَفْسِه فيه أَثرًا، تَبَرُّكًا بدُعَاءَ ذَوِي الغُرْبةِ، وأهْل الانْقِطَاع (c) والسِّيَاحَة، وقد أحبَبْتُ أنْ أدخُل في الجُمْلَة (d)، فابْغِ لي دواةً أكْتبُ بها حُضُوري في مَوضِع من هذه الكَنيْسَة، فاسْتَدْعَيْتُ دواةً، فكَتَب على مَلْبَن (e) المَذْبَح هذه الأبْيَات: [من الكامل الأَحذّ]

يا مَعْشَرَ الغُرَبَاءَ رَدُّكُمُ (f) … ولقيتُمُ الأحْبَابَ (g) عن قُرْبِ

قَلْبي عليكُم مُشْفقٌ حَدِبٌ (h) … فشفَى الإلَهُ بحِفْظِكُم قَلْبي

إنِّي كَتَبْتُ لكي أُساعدَكُم … فإذا قَرَأْتُم فاعْرفُوا كُتْبِي

وذَكَرَ المَرْزُبانيّ في مُعْجَم الشُّعَراء (١)، فقال: أحْمَدُ بن هِشَام بن فرخُسْرُو المَرْوَزيّ القَائِد، من أبناءَ خُرَاسَان، وأخُوه عليّ بن هِشَام القَائِد، أقْدَمهما المَأْمُون معهُ من خُرَاسَان، وأحمدُ هو القائل، وله فيهما لَحْنٌ في طَريْقَة الثَّقيل الأوَّل: [من الوافر]

إلَامَ وكَم تُعَدُّ ليَ الذُّنُوبُ … ألَم تَرَ مُذْنبًا قَبْلي يَتُوْبُ

أُؤَمَّل أنْ تَدَارَكَني بعَفْوٍ … ويُقْسَمَ من لقائكَ لي نَصِيْبُ

قال: وله: [من الوافر]

تَمَنَّعَ من شَفَعْتُ بهِ إليهِ … فَزَادَكَ مَنْعُهُ أسَفًا عليهِ

خُذُوا بدمي مَحَاسِنَهُ وخُصُّوا … مُقَبَّلَهُ وبَرْدَ ثَنِيَّتَيْهِ


(a) أدب الغرباء: يطوف بها.
(b) أدب الغرباء: في.
(c) أدب الغرباء: التقطع.
(d) الأصل: الحملة، والمثبت من كتاب أدب الغرباء.
(e) أدب الغرباء: فكتب على ما بين باب المذبح.
(f) في الأصل: رد شتيتكم، وبروايته لا يستقيم الوزن، والمثبت من أدب الغرباء.
(g) أدب الغرباء: الأخبار.
(h) أدب الغرباء: وجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>