للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخْبَرَني أنَّ مَوْلده في شَهْر رَبِيع الآخر سَنَة سَبْعٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة بدِمَشْق، وذَكَر العَضُدُ مُرْهَف بن أُسامَة في تَعْلِيقٍ لهُ، ونَقَلْتُه من خَطِّه، أنَّ موْلده بمِصْر.

ونَقَلْتُ من خَطِّ أبي المَحَامِد القُوصِيّ، وذَكَرهُ، وقال: ومَوْلدُه بالقَاهِرَة المُعِزِّيَّة في شُهُور سَنَة سَبْعٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة، قال: أخْبَرَنا بذلك شَيْخُنا الوَزِير، ذو البَلَاغتَيْن، عِمَاد الدِّين الأصْبَهَانِيّ الكَاتِب.

اشْتَغل المَلِكُ المُحْسِن بالعِلْم، وخَرَج عن لبس الأجْنَاد، وتزيَّا بزيّ أهْل العِلْم، واشْتَغَل بالحَدِيْث وسَمَاعه، والاسْتِكْثار منه، وتَحْصِيل الأُصُول الحَسَنة بخطُوط المَشَايخ، وسَمِعَ بالدِّيَار المِصْرِيّة أبا القَاسِم البُوْصِيرِيّ، وأبا عَبْد الله مُحَمَّد بن حَمد بن حَامِد الأرْتاحِيّ وغيرهما، وسَمِعَ بدِمَشْق أبا عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد بن الحَسَن الحَرَّانيّ، وشُيُوخَنا: أبا اليُمْن الكِنْدِيّ، وأبا القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، وأبا القَاسِم العَطَّار، ودَاوُد بن مُلاعِب، وغيرهِم، وسَيَّرَ إلى بَغْدَاد وحَمل منها أبا حَفْص بن طَبَرْزَد، وحَنْبَل بن عَبْد الله المُكَبِّر، وسَمِعَ منهما عامَّة حَدِيثهما، وأفادَ النَّاس بالشَّام حديثهما.

ثُمَّ قَدِمَ علينا حَلَب وَافِدًا إلى أخيهِ المَلِك الظَّاهِر رَحِمَهُ اللهُ، فأكْرَمه وأحْسَن إليه، ومَلَّكهَ قَرْيَةً من بَلَد حَلَب يقال لها قَذَارَان، وهي الَّتي ذَكَرَها امْرؤ القَيْس في قصيدته الرَّائِيَّة (١)، وسَمِعَ بحَلَب من شَيْخنا افْتِخار الدِّين أبي هاشِم عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، وشَيْخنا أبي بَكْر بن رُوزْبَة البَغْدَاديّ.

وحَجَّ إلى مَكَّة مَرَّتَين، فسَمِعَ بمَكَّة أبا الفَرَج يَحْيَى بن يَاقُوت بن عَبْد الله الفَرَّاش نَزِيلُ مَكَّة، وبالمَدِينَة أبا مُحَمَّد عبد الرَّحيم بن المُفَرِّجِ بن عليّ بن مَسْلَمَة؛ وعاد في الحِجَّة الثَّانيَة على طَريق بَغْدَاد، فسَمِعَ بها من جَمَاعة من الشُّيُوخ الّذين


(١) تقدم في الجزء الأول من هذا الكتاب ذكر هذه القرية، وأورد ضمنه شعر أمرئ القيس، وحدد ابن العديم موضعها شمالي بلدة الباب. وانظر ديوان امرئ القيس ٩٧ - ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>