الصُّوْفيَّة برِباط سُنْقُرجا بعدَ مَوْت والده، ثمّ اسْتُدْعِي إلى بَغْدَاد ليُدَرِّس بالمَدْرَسَة المُسْتَنْصِريَّة، فتوجَّه إليها في أيَّام الإمَام المُسْتَنْصر بالله رَحِمَهُ اللّهُ، ووَلِيَ بها تَدْرِيس الفرقَة (a) الحَنَفِيّة، وأقام على ذلك مُدَّة، ثُمّ ضَجر الإقامة ببَغْدَاد والتَّقيُّد بما عليه أوْضاعُهم بها، فاسْتَأذن في العَوْد إلى وَطَنه، فأُذنَ له في ذلك، فعاد إلى حَلَب، والمَدْرَسَة المُقَدَّميَّةُ خَاليَة من مُدرِّس، فقُلِّدَ التَّدْرِيس بها، ثمّ مات المُدَرِّس بمَدْرَسَة الحَدَّادِين، فأُضِيْف تَدْرِيسُها إليه أيْضًا.
وكان قد سَمِعَ الحَدِيْث من أبيِه، ومن شَيْخنا أبي هاشِم الهاشمِيّ، وغيرهما. وسَمِعْتُ منه شيئًا يَسِيْرًا عن والده، وَأدْرَكتُ وَالده ولم أكْتُب عنه.
وحَكَى عنه شَيْخُنا نَاصِح الدِّين عبد الرَّحْمن بن نَجْم بن الحَنْبَلِيّ في كتاب الاسْتِسْعَاد بمَن لقي من صَالِحي العُبَّاد في البِلاد مَنامًا أخبره به سنذكره في تَرْجَمَةِ أبيه يُوسُف إنْ شَاءَ اللّهُ تعالَى.
أخْبَرَنا الفَقِيه شِهَاب الدِّين أبو العبَّاس أحْمَد بن يُوسُف الأنْصَاريّ بحَلَبَ، قال: أخْبَرَنا أبي فَخْر الدِّين يُوسُف بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عليّ بن يَاسِر الجيَّانِيّ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم مُحَمَّد بن عُمَر بن أمِيْرجَه، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللّه بن الحَسَن بن أبي مَنْصُور الطَّبَسِيّ، قال: أخْبَرَنا أَبو عُمَر عَبْد الوَاحِد بن أحْمَد بن أبي القَاسِم المَلِيْحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الرَّحمن السُّلَمِيّ (١)، قال: سَمِعْتُ عَبْد اللّه بن عليّ الطُّوْسِيّ يقول: سُئِلَ أبو الحَسَنِ الحُصْرِيّ: هل يَحْتَشم المُحبُّ أو يفزع؟ فقال: لا، الحبُّ اسْتِهْلَاكٌ لا يَبْقَى معهُ صِفَةٌ، وأنْشَد:[من البسيط]
قالت: لقد سُؤْتَنا في غير مَنْفَعَةٍ … بقَرْعِكَ البابَ والحُجَّابُ ما هَجَعُوا
(a) موضع الفاء مهمل في الأصل، ولعل في الكلمة تحريف.