للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الجهشِيَارِيُّ (١): ثمّ قلَّدَهُ المأْمُون دِيْوَان الرَّسَائِل، فلم يَنل عليه إلى أنْ سَخط عليه فماتَ في سُخْطه، وكانت وفاتهُ في سَنَة أرْبَع عَشرة ومَائَتيْن.

قال (٢): وكان سبَبَ سخط المَأْمُون على أحْمَد بن يُوسُف أنَّهُ جَلَسَ يَوْمًا وبحَضْرته أصْحَابُه، فقال: نَجْلِسُ غَدًا مَجْلِسًا فلا يكُون عندنا من نَتَحَشَّمهُ، ثمّ أقْبَل على أحْمَد بن يُوسُف فقال: كُن المُخْتَار لنا مَنْ يُجَالسُنَا وأنتَ معنا. قال أحمد: أنا وأبو سُمَيْر؟ قال: نعم، قال أحمد: قُلنا على أَمِير المُؤمِنِين أنْ لا يُجْلِس مَعَنا غيرنا، قال: نعم. وبَكَّرُوا وحُجِبَ النَّاس، واسْتأذن الحَسَن بن سَهْل، فأمِرَ بالدُّخُول، وكان اصطَنع أحْمَدَ، فقال [أحمد] (a): يا أَمِير المُؤمِنِينِ، هذا خِلَاف ما ضَمِنْتَ قال: فأبو مُحَمَّد يُحْجب؟ فدَخَل وعليه سَوَادُه، فقال: يا أبا مُحَمَّد، هذا مَجْلسٌ اقْتَضَيناهُ (b) على غير مَوْعدٍ، لولا ذلك لبَعَثْتُ إليك، فأقم عندنا. فقال: يا أَمِيرِ المُؤمِنِين، تَمَّمَ اللهُ لك السُّرور، عَبْدُكَ يَجِدُ شيئًا يمنَعُه من خِدْمته، فإنْ رَأى أَمِير المُؤمِنِينِ أنْ يأْذَنَ لي، فألَحَّ (c) عليهِ في المَسْألَة والجلُوس، فلم يفعَل. فقال أحمدُ: يا أَمِير المُؤمِنِين، [ليتك] (d) ما اعْتَذَرت إلى الحَسَن. قال: ليس هو اعْتِذَارُ، قال: بَلَى، قال: لا ولكنَّه شَبِيْهٌ بالاعْتِذَار، قال أحمدُ: نرضَى بإبْراهيم حَكَمًا بيننا؟ قال المَأْمُونُ: رضيْتُ. قال إبْراهيم: لم يكُن اعْتِذَارا مُصَرِّحًا ولكنَّه مثلُه، وأقبَل يُعِيْنُ أحْمَد ويسيْغُ قَوْله. فقال المَأْمُون لأبي حُمَيْر: والله لقد شَاورْتُ النَّاسَ فيكَ فكُلُّهُم أشَارُوا بقَتْلكَ، وما مَنَعني من ذلك إلَّا أبو مُحَمَّد، فوالله ما كافأتَهُ على ذلك، ثم التَفَتَ إلى أحْمَد، وقال: أَوَ تَقُول هذا لأبي مُحَمَّد وهو أجلَسَكَ هذا المجلِس؟ فإذا


(a) إضافة من قطب السرور.
(b) قطب السرور: اقتضبناه.
(c) الأصل: فألجَّ.
(d) إضافة من قطب السرور ليتضح الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>