للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَكَم بن هِشَام، عن عَبْدِ المَلِك بن عُمَيْر، عن طَلْحَة بن عُبَيْدِ الله، أنَّهُ قال: مَجْلِسُ الرَّجُل ببَابِهِ مُرُوءَةُ.

أهْدَى إليَّ الخَطِيبُ سَيْف الدِّين أبو مُحَمَّد عَبْد الغَنِيّ بن مُحَمَّد الحَرَّانيّ، المعرُوف بابن تَيْميَّة، جُزْءًا بخَطِّه فيه تاريخ لأبي المَحَاسن بن سَلامَة بن خَلِيفَة الحَرَّانيّ، جعَلَهُ تَكْملةً لتاريخ حَرَّان الّذي ألَّفَهُ حَمَّادُ الحَرَّانيّ، وذَكَرَ لي أنَّهُ نَقَلَهُ من خطِّ أبي المَحَاسِن المَذْكُور، فقَرَأتُ فيه: حَدَّثني الشَّيْخُ أبو الحَسَن عليّ بن عُمَر السّعردِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قال: انْقَطَع الشَّيْخُ أبو الفتْحِ البَغْدَاديّ عن المَدْرَسَة بحَرَّان شَهرًا بسَبَب مَرضٍ أصَابَهُ، فَحمَلَ إليه قَيِّم المَدْرَسَةِ وَاجبَ الشَّهْر، فقال له الشَّيْخُ: يا ابني، ما ألْقَيْتُ في هذا الشَّهْر دَرْسًا، ولا لي فيهِ واجب، رُدَّها إلى الجِزَانَة، فردَّها ولم يأخُذْها.

قال أبو المَحَاسن: وكان - يعني الفَقِيه أبا الفَتْح - يَدْخُل على أبي يَزُوره، وكان أبي يَزُورهُ، وكان أبَي فَقِيْرًا، وكان الفَقيهُ يُريْدُ بذلك وَجْهَ الله، وابْتِغَاءَ مَرْضَاتِه، تَبَرُّكًا بالفُقَرَاء وتَوَاضُعًا لهم، وحُسْن ظَنَّ فيهم مع جَلَالَة قَدْره وعِلْمه، وكان كُلَّما دَخَلَ على أبي يُنْشِدهُ: [من البسيط]

يا بُوْمةَ القُبَّةِ الخَضْرَاءِ قد أَنِسَتْ … رُوْحي برُوْحكِ إذ تُسْتَبْشَعُ البُوْمُ

زَهِدْتِ في زُخْرُفِ الدُّنْيا فأسْكنكِ الزُّ … هْدُ الخرابَ فَمن يذْمُمْكِ مَذْمُومُ

قال أبو المَحَاسِن: وحَدَّثني عنه رَجُلٌ من فُقَهَاءِ بَغْدَاد، قال: سَافرَ الشَّيْخُ أبو الفَتْح في طَلَب العِلْمِ إلى خُرَاسَان سَفْرةً طَوِيلَةً، ثمّ رجَعَ إلى بَغْدَاد وليس معه غير كُتُبه وثِيَابه، فوضَعَها في بَيْتٍ من الخانِ، ثم دَخَل إلى شَارِعهِم فدَخَل الدَّرْبَ الّذي كان أهْلُهُ فيه، فجلَسَ في مَسْجِدٍ وسأل عن أهْلِهِ، فأخْبَرُوه أنَّهُ لَم يَبْقَ منهم في ذلك الدَّرْب أحدُ، فجالَ مع الفَقِيه الّذي هو قاضي الشَّارِع، فتكلَّما في مَسْألَةٍ، واخْتَلَفا فيها، فلمَّا رأَى خَصْمَهُ على نَفْسه الغَلَبَة، وقَهَرَهُ الشَّيْخُ أبو الفَتْح

<<  <  ج: ص:  >  >>