للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَرَأتُ في تاريخِ مُحَمَّد بن أحْمَد بن مَهْدِي (١)، ممَّا كُتِبَ لخِزَانَة أَمِير المُؤِمِنِين القَادِر، في حَوَادِث سَنَة ثمانٍ وسِتِّين، قال: وفيها مات أبو بَحْر الأحْنَفُ بن قَيْسٍ بالكُوفَة، واسْمُه صَحْرُ بن قَيْسِ بن مُعاوِيَةَ بن حُصَيْن بن عُبَادَة بن نَزَّال بن مُرَّة بن عُبَيْد (a) بن الحَارِث بن عَمْرو بن كَعْب بن سَعْد بن زَيْد مَنَاةَ بن تَمِيْم، وكان قَيْسٌ أبُوه يُكْنَى أبا مالكٍ، وقتَلَتْهُ بنو مَازِنٍ في الجَاهِلِيَّةِ، ورَهْطه بنو مُرَّة بن عُبَيْد بعَثُوا بصَدَقَاتِهم إلى رسُولِ الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم مع عِكْرَاش بن ذُؤَيْبة.

وأُمُّ الأحْنَف حُبَّى بنتُ عَمْرِو بن عَلْقَمَة من بني أَوْدٍ من بَاهِلَةَ، وَلَدَتْهُ مُلْتَصق الأَلْيَتَيْن حتَّى شُقَّ، وكان أعْوَرَ؛ ذَهَبَتْ عَيْنُه بسَمَرْقَنْد، ويُقال: بل ذَهَبَتْ بالجُدَرِيّ.

وكان أحْنَفَ الرِّجْل، مُتَراكبَ الأسْنَان، صَعِلَ الرَّأس، مَائِل الذَّقَن، خَفِيْفَ العَارِضَيْن.

وشَهِدَ مع عليٍّ عليه السَّلام صِفّيْنَ، ولم يَشْهَدِ الجَمَلَ مع أحَدِ الفَرِيقَيْن ودُفِنَ بالكُوفَة عند قَبْر زِيادِ بن أبيهِ بالثَّوِيَّة (b)، وخَرَجَ في جنَازتهِ مُصْعَب بن الزُّبَيْر - وهو أميرُ العِرَاقَيْن - مَاشِيًا، وطَرَحَ ردَاءهُ، فطَرَحَ الأشْرَاف أرْدِيَتَهُم، فكان أوَّلَ مَنْ فَعَلَ من الأشْرَاف ذلك في جنَازتِه إعْظَامًا لمُصَابِه، وبلَغَ من السِّنِّ سَبْعِين سَنَةً، وله وِفَادَةٌ على عُمَر بن الخَطَّاب رحِمَهُ اللهُ، وكان له ابنٌ يقال له بَحْرٌ، وكان مَضْعُوفًا، حُكِي أنَّهُ قيل له: ما يَمْنَعُك أَنْ تَتَقَيَّل بعضَ أخْلاق أبيكَ؟ قال: الكَسَلُ! ولم يَكُن له عَقِبٌ.


(a) هكذا جوَّد ضبطه بالتصغير، وكتب فوقه: "كذا"، وتقدم في غير موضع من الترجمة ضبطه بالفتح دون تصغير.
(b) في الأصل مجودًا: التَّوْبَة، وهو تصحيف، صوابه المثبت، وهو موضع قريب من الكوفة.
البكري: معجم ما استعجم ١: ٣٥٠، ياقوت: معجم البلدان ٢: ٨٧، الروض المعطار ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>