للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرْض الرُّوم قَفِيزًا بالصَّغير من فُسَيْفِساء، وذِرَاع في ذراعٍ من رُخَام، فيَحْمله أهل العِرَاق وأهْل حَلَب إلى حَلَب، ويُسْتأجر على ما حملوا إلى دِمَشْق، ويَحْمله أهل حِمْص إلى حِمْص، ويَسْتأجر على ما حملوا إلى دِمَشْق، ويَحْمل أهل دِمَشْق ومَن وَراءهم حصَّتهم إلى دِمَشْق.

وقَرَأتُ في كتاب البُلْدان وفُتُوحها وأحْكامها، تأليف أحْمد بن يَحْيَى بن جَابِر البَلاذُرِيّ (١)، قال: وحَدَّثَني مُحمَّد بن سَهْم الأنْطاكيِّ، قال: حَدَّثَني مُعاوِيَةُ بن عَمْرو، عن أبي إسْحَاق الفَزَارِيّ، قال: كانت بنو أُمَيَّة تَغْزُو الرُّومَ بأهْلِ الشَّام والجَزِيرَة، صَائِفَةً وشاتِيَةً، ممَّا يلي ثُغُور الشَّام والجَزِيرَة، وتُقيم المراكب للغَزْو، وتُرَتِّب الحَفَظَة في السَّواحل، ويكون الإغْفال والتَّفْرِيط خلال الحَزم والتَّيَقُّظ، فلمَّا وَلي أبو جَعْفَر المَنْصُور تتَبَّع حُصُون السَّواحل ومُدنها، فَعَمَرَها، وحَصَّنَها، وبَني ما احْتاج إلى البناء منها، وفعَلَ ذلك بمُدن الثُّغُور، ثمّ لمَّا اسْتُخِلفَ المَهْدِيّ، اسْتَتَمَّ ما بَقي من تلك المُدُن والحُصُون، وزَادَ في شَحْنها.

قال مُعاوِيَةُ بن عَمْرو: وقد رأينا من اجْتهادِ هارُونَ في الغَزْوِ، ونَفاذ (a) بَصِيْرته في الجِهادِ أمرًا عظيمًا، أقامَ من الصِّناعَة ما لَم يُقَم قَبْلَه، وقَسَمَ الأمْوال في الثُّغُور والسَّواحل، وأشْجر (b) الرُّوم وقَمَعَهُم، وأمرَ المُتَوكِّل بتَرْتيب المراكب في جميع السَّواحل، وأنَّ تُشْحَنَ بالمُقاتِلَة وذلك في سَنَة سَبْعٍ وأرْبَعين ومائتين.


(a) الأصل: ونفاد، وهو خلاف المُراد.
(b) كذا في الأصل وك، وفي كتاب البلاذري (مصدر النقل): "أشجي الروم"، والشجو: الهمّ والحزن، أي أنه أوقع الرُّوم في الهم والحزن، ولفظة "أشجر" تفيد قريبًا من هذا، فأشجر القوم: تخالفوا وتنازعوا فيما بينهم، ولفظة البلاذري أقرب للمراد. انظر: لسان العرب، مادتي: شجر وشجا.

<<  <  ج: ص:  >  >>