للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابنُ دُرَيْد: كانت لأَرُسْطَاطَالِيْس ضَيْعَةٌ نَفِيْسَةٌ، فدَفَعَها إلى قَيِّمٍ يقُومُ بها، ولم يكُن يُشْرفُ عليها، فقال بعضُ النَّاسِ له: لِمَ تَفْعَلُ ذلك؟ فقال: إنِّي لم أَقْتَن ضَيْعَةً بَتَعَاهُدِي الضِّيَاعَ وإنَّما اقتنيْتُها بتَعَاهُدِى أدَبَ نَفْسِي، وبذلك أرْجُو اتِّخَاذ ضِيَاع أُخَر.

قال: وقال أَرُسْطَاطَالِيْس: العَقْلُ سَبَب رَدَاءةِ العَيْش.

وقَرَأتُ في كتاب التَّعْرِيْف في أحْوَال الحُكَمَاءِ، تأليفُ القَاضِى الإمام أبي القَاسِم صَاعد بن أحْمَد بن صَاعِد اللُّغَويّ المَالِقِيّ الأنْدَلُسِيِّ فَصْلًا في ذِكْر أَرُسْطُوطَالِيْس، أذْكرهُ على وَجْهه، فإنَّ فيه ذِكْر أحْوَاله على التَّحْقِيق، قال أبو القَاسِم (١): وأمَّا أرُسْطُوطَاليْس فهو ابن يَنْقُوْمَاخُوْش (a) الجَهْرَاشِيّ الفِيْثَاغُوْرِيّ، وكان يَنْقُوْمَاخُوْش فِيْثَاغُوْرِيّ المَذْهَب، وله تأليفٌ مَشْهُور (b) في الأرِثْمَاطِيْقِي (c)، وكان ابنه أَرُسْطُوطَالِيْس (d) تِلْمِيْذ أَفْلَاطُوْن، ويُقالُ إنَّهُ لازمَهُ عِشْرينَ سنَةً، وكان أَفْلَاطُوْن يُؤثره على سَائِر تَلَامِيْذه، ويُسَمّيه: العَقْل.

وإلى أَرُسْطُوطَالِيْس انْتَهَت فَلْسَفَة اليُونَانيِّن، وهو خَاتِمَةُ حُكَمائهم، وسَيِّدُ عُلَمائِهم، وهو أوَّلُ مَنْ خَلَّصَ صِنَاعَة البُرْهَان (e) من سَائر الصِّنَاعَات المَنْطِقيَّة، وصَوَّرها بالأشْكَال الثَّلاثةِ، وجَعَلَها آلة للعُلُوم النَّظَريَّة، حتَّى لُقِّبَ بصَاحِب المَنْطِق.


(a) كتبه صاعد وابن أبي أصيبعة بالسين المهملة حيثما يرد: ينقوماخوس، وعند ابن أبي أصيبعة بتقديم النون على الياء: نيقوماخوس.
(b) طبقات الأمم: تآليف مشهورة.
(c) طبقات الأمم: الأرثماطقي.
(d) في طبقات الأمم لصاعد حيثما يرد: أرسطاطاليس.
(e) طبقات الأمم: البرهاني، والمثبت موافق لما نقله ابن أبي أصيبعة عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>