صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُحِبُّ التَّيَمُن في أَمْره، أو شَأْنِه؛ في تَنَعُّلِه، وفي تَرَجُّلِهِ، وطَهُورِه.
نَقَلْتُ من خَطِّ الإمام أبي طَاهِر السِّلَفِيّ، وأخْبَرَنا بهِ إجَازَةً عنهُ أبو القَاسِمِ عَبْد الله بن الحُسَين الحَمَوِيّ، وعبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل وغيرهما، قال: حَدَّثَني أبو القَاسِمِ عبدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن مَنْصُور العَلَائِيّ بالإسْكَنْدَرِيَّة، قال: قَرَأتُ في كتاب الحُسَين بن مُحَمَّد بن الحُسَين النَّيْسَابُوريّ: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ ابن إسْحاق؛ صَدِيْقُنا بمِصْر، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ حَسَنُ بن عَبْد الله الخَالِديُّ بهَرَاة، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن زَكَرِيَّاء الهَمَذَانيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بنُ سَلَمَة النَّيْسَابُوريّ، قال: جَاء سَائِلٌ إلى إسْحاق بن رَاهَوَيْه يَسْألُه شيئًا، فقال له: صَنَعَ اللهُ لك، فقال: ما جئْتُ لتَدْعُوَ لي، إنَّما جئْتُ لتُعْطِيني، فقال إسْحاقُ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قال: حَدَّثَنَا عَوْف، عن الحَسَن، قال: إذا جَدَّ السُّؤَالُ جَدَّ المَنْعُ. فقال السَّائِلُ: يا أبا يَعْقُوب، عندي حَديْثُ خَيْرٌ من حَدِيثكَ، وإسْنَادٌ خَيْرٌ من إسْنَادِكَ، فقال: هَاتِ، فقال السَّائِلُ: حَدَّثَنَا سِيْما الصَّغيرُ، عن سِيْما الكَبير، عن زَغْلِيْتَج، عن أَمِير المُؤمِنِين عليّ أنَّهُ قال: اقْعُد تمنَّى خَيْرٌ من أنْ تَعْمَل تعنَّى. فقال إسْحاق: إدْفَعي إليه يا جَارِيَة دِرْهَمَيْن ورَغِيْفَين وعُوْدَين حَطَب، فلمَّا تَسَلَّم السَّائلُ ما دُفِعَ إليه، الْتَفَتَ إلى إسْحاق فقال له: أيُّما خَيْر إسْنَادُك أو إسْنَادِي؟ فقال إسْحاق: إسْنَادُكَ خيرٌ! انْصَرِف.
قال الحافِظُ أبو طَاهِر، ونَقَلْتُه من خَطِّه: مُحَمَّد بن إسْحاق هو ابنُ مَنْدَة الأصْبَهَانِيّ الحافِظُ أبو عَبْد الله، صَاحِبُ التَّوَاليْف، والخَالِديُّ المَشْهُور اسْمُه مَنْصُور، وهذا لا أعْرفُهُ ومَنْصُور يَرْوِي مَنَاكيْر، ولعلَّ النَّيْسَابُوريّ علَّقه بعدما سَمِعَهُ من حِفْظِه فغَلطَ فيهِ (١).
(١) بقية الصفحة بياض في الأصل، قدر نصفها، وكذا التي تليها.