للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ حَضَر أسَدَ بنَ جَهْوَر الكَاتِب يتَصَيَّد، وكان من شِدَّة الغَفْلَة على ما لم يُرَ مثْلُه.

وقال: رأيتُهُ وقد أُطْلقِ بينَ يَدَيْهِ بازٌ على دُرَّاجَةٍ، ودخلَتْهُ الأريحيَّةُ، فرَكض في إثرِه حتَّى إذا (a) كسَرَها اسْتَخْرج سِكِّينًا من خُفِّه وأهْوَى بها نحو البَازِي فأمَرَّهَا على حَلْقهِ ليذبَحَهُ، فصَاح بهِ البَازْيَارُ فكَفَّ عن البَازي وأخَذَ الدُّرَّاجَةَ، وقال: كدْنا نَظْلِمُه الشَّقيَّ!.

قال: وكان معنا فَتَىً يُنادمُهُ، ظريفٌ شَاعِرٌ، وكان (b) لا يزالُ يُبْلَى من غَفْلَته عنه واسْتِخفافِه به على جهة السَّهْوِ (c) بكُلِّ عَظِيمَة، فأنْشَأ يُنْشدُني: [من الطويل]

أتَيْتَ بها مقْبُوحَةَ الذِّكْرِ سُبَّةً … تبثُّ على مَرِّ اللَّيالِي وتُربعُ

فإنْ كان عمدًا ما أتَيْتَ فإنَّهُ … لعَمْرُك لُؤْمٌ واجبٌ ليسَ يُدْفَعُ

وإنْ كان عن سَهوٍ وإفْراطِ غَفْلَةٍ … فأحْضَرُ منك الهَالكُون وأنفَعُ

أنَبَأنَا أبو مُحَمِّدٍ بن يُوسُف النَّحوِيُّ، عن أبي الفَتْحِ بن البَطِّيِّ، قال: أنْبَأنَا أبو عَبْد الله الحُمَيْدِيّ، عن غَرْس النِّعْمَة مُحَمَّد بن هِلِّل بن المُحَسِّن بن الصَّابِئ (١)، قال: وحَدَّث أبو الحَسَن أحْمَد بن يُوسُف بن يَعْقُوبَ بن إسْحاق بن البُهْلُول التَّنُوخِيّ، قال: حَدَّثني أبي، قال: حضرتُ أسَد بن جَهْوَر، وكان شَدِيد (d) النِّسْيَان، عند عُبَيْد الله بن سُلَيمان الوَزِير، وهو يُخاطبه في أمرٍ من الأُمُور، فيقول له: السَّمْعُ والطَّاعَةُ لأمرِ القَاضِي [أعَزَّهُ اللهُ، وقد] (e) أُنْسِيَ أنَّه الوَزِيرُ، وكان إلى جَنْبِ أبي


(a) ساقطة من ب.
(b) ساقطة من ب.
(c) ب: السوء.
(d) نشوار المحاضرة: كثير.
(e) ما بين الحاصرتين في هذا الخبر والذي يليه وقع طمسه في الأصل، واستكملناه من ب وكتاب الهفوات النادرة ونشوار المحاضرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>