للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرَى كُلَّ مَنْ طارحْتُه الوُدَّ صَاحِبًا … ولكنَّهُ مَعْ دَوْلَةِ الدَّهْر مَائلُ

ورُبَّ أُنَاسٍ كنْتُ أمحَضُ (a) وُدَّهم … وما نالني منهم سِوَى المَذْقِ طَائلُ

تَعَاطَوْا وَلَائي ثمّ حَالُوا سَآمةً … وحَالُ بني الأيَّام لا شَكَّ حَائلُ

وأَعْدَمُ شيءٍ سامَهُ المرءُ دَهْرَهُ … حَبيبٌ مُصَافٍ أو خَلِيلٌ مُوَاصِلُ

أسَادتَنا قد كنْتُ أحْظَى بأُنْسِكم … وأجْني ثَمار العَيْشِ والدَّهْرُ غَافِلُ

وما خِلْتُ أنَّ البَيْنَ يصْدَعُ شَمْلَنا … ولا أنَّني عنكُم مَدَى الدَّهْرِ رَاحِلُ

وتاللهِ ما فَارقتُكُم عن مَلَالةٍ … ولكِنْ نَبَتْ بي بالمقَامِ المَنَازِلُ

قطَعْتُ الفلَا (b) عنهُنَّ حتَّى أَضَعْنَني … فأَقْفَرْنَ عن مثْلِي وهُنَّ أوَاهِلُ

وإنِّي إذا لم يَعْلُ جَدّي ببلْدَةٍ … هَدَتْني إلىِ أُخرى السُّرَى والعَوَامِلُ

إذا الحُرُّ لم يَظْمَأْ لوِرْدٍ مُكَدَّرٍ … فلابُدَّ يوْمًا أنْ تَرُوقَ المَنَاهِلُ

سَيَعْلَم قَوْمي قَدْرَ ما بانَ عنهُمُ … وتَذكرُني إنْ عشْتُ تلك المَعَاقِلُ

قال لي أبو السَّعَادَات: وأنْشَدَني أَسْفَنْدِيَار لنَفْسِه (١): [من الرجز]

الدَّهْرُ بَحرٌ والزَّمانُ سَاحِلُ … والنَّاسُ رَكْبٌ راحِلٌ ونَازلُ

كأنَّهُمْ سيَّارةٌ في مَهْمَه … مكَارهُ الدَّهْر لهم مَنَاهِلُ

أنْبَانَا أبو عَبْد الله بن الدُّبَيْثِيّ (٢)، قال: أَسْفَنْديَار بن المُوَفَّق بن أبي عليّ البُوْشَنْجيُّ (c) الأصْل، الوَاسِطِيُّ المَوْلد، البَغْدَاديّ الدَّار، أبو الفَضْل الكَاتِب الوَاعِظ، قرأ القُرْآن المَجِيْد بوَاسِط بالقِرَاءَاتِ الكَثِيْرة على جَمَاعَةٍ منهم أبو الفَتْح المُبارَك (d) بن أحْمَد بن زُرَيْق (c) الحَدَّاد، ثمّ قَدِمَ بَغْدَاد واسْتَوْطَنها، وصَحِبَ الشَّيْخ


(a) الدبيثي: ألحظ.
(b) الدبيثي: القلى.
(c) الأصل وب: البوسنجي.
(d) ب: أبو الفتح بن المبارك.
(e) الأصل: رزين، والمثبت من ابن الدبيثي (مصدر النقل)، ويأتي صحيحًا في آخر الترجمة، وانظر: قلائد الجمان لابن الشعار ٣: ١٧٦، ٤: ٢٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>