للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَقَدُونِيُّ، المَعْرُوفُ بذي القَرْنَيْن الّذي غَزَا دَارا بن دارَا مَلِكَ الفُرْس في عُقْرِ دَاره، فَثَلَّ عَرْشَهُ، ومزَّق مُلْكه، وفرَّق جَمْعَهُ، ثمّ تخَطَّاهُ قَاصِدًا إلى مُلُوك المَشْرِق من الهِنْد، والتُّرْكِ، والصِّيْنِ، فتغلَّبَ على بَعْضِهم، وانْقادَ له جميعُهم، وتلقَّوه بالهَدَايا الفَخْمَة، واسْتَكَفُّوه بالأتَاواتِ الجَزْلَة، ولم يزل مُتَردِّدًا في أقاصِي الهِنْد، وتُخُوم الصِّيْن، وسَائرِ أكْنافِ المَشْرِق (a)، حتَّى أجْمعَ (b) مُلُوكُ الأرْضِ طرًّا على الطَّاعَة (c) لسُلْطَانه، والخضُوع لعزَّتهِ، والإقْرار بأنَّهُ مَلِكُ الأقَاليْم، والاعْتراف بأنّهُ رَئيس الأرْض.

وقَرأتُ بخَطِّ عَبْد السَّلام بن الحُسَين البَصْرِيّ المَعْرُوف بالوَاجْكَا من كتاب في ذِكْر فَضَائِلِ الفُرْس، وأنْسَابِ حُكَمائهم لم يُسَمّ مُؤَلِّفه، ولعلَّه من تأليفه، قال فيهِ: وقيل إنَّ رَجُلَين من أصْحَاب دَارَا من أهْل هَمَذَان طعنا دَارَا من خلْفه في الحرب، ثمّ هَرَبا إلى الإسْكَنْدَر فأخْبَراهُ، فقَتَلَهُما بقَتْلهما دَارَا، وصلَبَهُما لأنْ لا يُجْتَرَأَ على المُلُوك (١).

قال: ثُمّ مَلَك الإسْكَنْدَر الرُّوميِّ، وقد قال بعضُ الفُرْس إنَّهُ ابنُ دَارَا بن بَهْمَن المَلِك بن أَسْفَنْدبَاذ الشَّدِيد بن نَشْتَاسب المَلِك، والفُرْس تُسَمِّيه الإسْكَنْدَر.

قال مؤلِّف الكتاب: ولكنَّ الثَّبتَ عندنا أنَّ ذا القَرْنَيْن الإسْكَنْدَر كان من الرُّوم، وأنَّهُ فيْلفُوس بن مصْريم بن هِرْمس بن هردس (d) بن ميطُون بن رُومِي بن ليطي بن يُوْنَان بن يَافِث بن ثوبه (ح) بن سرجُون بن رومية بن بريط (f) بن تُوفِيْل بن رُوْمِي بن الأصْفَر بن اليفَن بن العِيْص بن إسْحاقَ بن إبْراهيم النَّبِيّ عليه السَّلام.


(a) صاعد: المشارق.
(b) صاعدا: اجتمع.
(c) قوله: "على الطاعة" ساقط من ب.
(d) كذا في الأصل وب.
(e) في الأصل بإهمال أوله، وبالياء عوض الباء: لويه.
(f) مهملة في الأصل، والمثبت من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>