للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنْشَدَنا شِهَابُ الدِّين أبو المحامِد بن حَامِد، قال: أنْشَدَني الفَقِيهُ الفَاضِل شَمْسُ الدِّين أبو الطَّاهِر إسْمَاعِيْل بن إبْراهيم المَذكُورُ لنَفْسِه (١): [من الخفيف]

بأبي الأهْيَفُ الّذي لَحظُ عَيْـ … ـنَيْهِ [فـ]ـذا راشِقٌ وهذا رَشِيْقُ

راحَ في حُسْنهِ غَرِيْبًا وإنْ … كان شَقيْقًا لوَجْنَتَيهِ الشَّقيْقُ

وأخْبرَني أبو المحامِد القُوصِيُّ، فيما دَفَعه إليَّ وأجَازَه لي، قال: وسَألتُه أنْ ينشدَني شَيئًا من غَزَلهِ غير ذلك وأرَقّ منه، فأنْشَدَني في الغَزَل رَحِمَهُ اللهُ أيضًا (٢): [من الكامل]

قال العَذُولُ بدا العذَارُ بخَدّه … فتَسَلّ عنهُ فالعذَارُ يَشِيْنُ

فأجْبْتُه مَهْلًا رُوَيْدَك إنَمَّا … أغْرَاكَ عنهُ بالملَام جُنُونُ

ما ذاكَ شَعْرُ عذَاره لكنَّما … أجْفَان عَيْنِكَ في الصِّقَالِ تَبِينُ

قُلتُ: وهذا مأخوذٌ من قَول بَعْضِهم: [من الكامل]

نظرَتْ مَحَاسِنَهُ العَوَاذِلُ نَظْرةً … فتَغَيَّرت من حُسْنهِ ألْوَانُها

فلَحَيْنَنِي فيه أتَهْوى نَاحِلًا … منهُ المحاسنُ ذَاهبٌ إحْسَانُهَا

فأجَبْتُ في وَجنَاتِهِ مائيَّةٌ … أبْدَى نُحُولَكُم بها لمَعَانُها

قال لنا أبو المحامِد القُوصِيّ: ومَوْلدهُ - يعني ابن فَلّوس - بمَارِدِين في شُهُور سَنَة ثَلاثٍ وتِسْعِين وخَمْسِمائَة، وتُوفِّيَ بدِمَشْق.

قال لي القُوصِيُّ: كان هذا الإمَامُ شمسُ الدِّين مَعْدودًا من جُمْلَةِ العُلَمَاء الأفَاضِل، مُبرّزًا في فُنُون الحِكمة وعُلُوم الأوَائِل، ودرَّس بدِمشْق وبالدِّيَار المِصْرِيَّة، وكان طَرِيف المحاضَرَة، لَطِيْف الشَّمَائِل.


(١) البيتان في الوافي بالوفيات ٩: ٦٦، والمقفى ٣: ٧٣.
(٢) الأبيات في الوافي بالوفيات ٩: ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>