للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَاسِم بن سُوَيْد بن كَيْسَان، أبو إسْحاق العَنَزِيُّ، المَعْرُوف بأبي العَتَاهِيَة الشَّاعِر. أصْلُهُ من عَيْنِ التَّمْر، ومَنْشؤه الكُوفَة، ثمّ سَكَنَ بَغْدَاد. وأبو العَتَاهِيَة لَقَبٌ لُقِّبَ به لاضْطِرَابٍ كان فيه. وقيل: بل كان يُحبُّ المُجُونَ والخَلاعَة، فكُنِّيَ لعتُوِّهِ: أَبا العَتَاهِيَة.

وهو أحَدُ مَنْ سَارَ قَولُهُ، وانْتَشرَ شِعْرُهُ، وشَاعَ ذِكْرُهُ، ويُقال: إنَّ أحدًا لم يُجْمع (a) له دِيْوَانَهُ بكَمَالِه، لعِظَمِه، وكان يقُول في الغَزَل والمَدِيْح والهِجَاء قَديْمًا، ثمّ نَسَكَ وعَدَل عن ذلك إلى الشِّعْر في الزُّهْد، وطَريْقَةِ الوَعْظ، فأحْسَنَ القَوْل فيهِ وجَوَّدَ، وأرْبَى على كُلِّ مَنْ ذَهَبَ ذلك المَذْهَب، وأكْثَرُ شِعْره حكَمٌ وأمْثَالٌ. وكان سَهْل القَوْل، قريبَ المأخَذِ، بَعِيدًا من التَّكَلُّف، مُقدَّمًا في الطَّبْع.

نَقَلْتُ من أخْبَار أبي العَتَاهِيَة للآمِدِيّ - وذَكَرَ كاتبُها أنَّهُ نَقَلها من خَطِّ الآمِدِيّ - قال: وكانَ مَوْلدُ أبي العَتَاهِيَة سَنَة اثنتَيْن وثَلاثين ومائة، ويُقال: بل وُلد في سَنَة ثلاثين ومائة.

قال: وكان في صِبَاهُ غُلَامًا مَلِيْحًا قَصِّيْفًا (b)، له وَفْرةٌ جَعْدَةٌ سَوْداءُ.

قال: وقال المُبَّرَدُ: بل كان قَبِيْح الوَجْهِ، مَليح الحَرَكاتِ والشَّمَائل، حُلوَ الإنْشَادِ، وكان مَنْشأه الكُوْفَة، وبها تأدَّب، وكان اعْتِزاؤُه إلى بني نَصْرٍ؛ بَطْنٌ من عَنَزةَ بن أسَد في رَبيعَة، وكانت أُمُّ أبي العَتَاهِيَة تُدْعَي أُمّ زَيْد بنْت زِيَاد، وكان زِيَاد من عُظَماء أهل بُخَارَى، وكان انْقِطَاعُ أبي العَتَاهِيَة لمَّا


(a) تاريخ بغداد: يجتمع.
(b) كذا في الأصل بالصاد المشدَّدة، ويأتي فيما بعد أيضًا على هذا الوجه، فيما نقله ابن العديم عن معجم الشُّعراء للمرزبانيّ، وفي الأغاني (٤: ٩): قَضِيفًا. والقَصيف من الرجال: الضعيف الذي فيه خوار، والتقصُّف: اللّهو واللّعب، أما القَضِيف: فهو الدقيق العظم القليل المحم، وظاهر النَّصّ يشُير إلى وَصْف هَيئته وجسمه لا إلى التقصُّف بمعنى اللّهو. انظر: لسان العرب، مادي: قصف وقضف.

<<  <  ج: ص:  >  >>