للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهُ: اسْكت فأنا أُقاسمُكَ على البقْيَار الّذي على رَأسِي، فظَنَّ أنَّهُ يَسْخَرُ منه، فقال له: واللَّهِ ما أقُولُ لكَ إلَّا حَقًّا، واسْتَدْعى منه سِكِّينًا وقطَع البقْيَار بينَهُ وبينَه.

قَرَأتُ في كتاب بَدَائع البَدَائة تأليف الفَقِيه أبي الحَسَن عليّ بن ظَافِر بن (a) أبي المَنْصُور (١)، قال: وأخبَرَني الفَقِيه أبو العَرَب بن مَعِيْشَة (b) الكِنَانِيّ السَّبْتِيّ، قال: أخْبَرَني شَيْخُ من أهْل إشْبِيليَة كان قد أدْرَك دَوْلةَ آل عَبَّاد، وكان عليه من آثار كبَر السِّنِّ، ودَلائل التَّعْمير ما يَشْهَدُ له بالصِّدْق، ويَنْطق بأنْ قَوْله الحَقّ، قال: كُنْتُ في صبَاي حَسَن الصُّورَة، بَدِيْع الخلْقة، لا تلْمحُني عَيْن أحدٍ إلَّا مَلكتُ قَلْبه، وخلَسْت خِلْبهُ، وسَلبتُ لبَّهُ، وأطَلْتُ كَرْبه، فبينا أنا واقفٌ على باب دَارنا، إذا بالوَزِبر (c) أبي بَكْر بن عَمَّار قد أقْبَل في مَوْكب زَجل (d) على فَرَسٍ كالصَّخْرَة الصَّمَّاء قُدَّت من قُنَّة الجَبَل، فحين حَاذاني ورآني، اشْرَأبَّ إليَّ يَنْظُرني، وبُهِتَ يتأمَّلُني، ثمّ دَفع بِمخْصَرةٍ كانت بيده في صَدْري، وأنْشَد: [من مجزوء الرمل]

كُفَّ هذا النَّهْدَ عنِّي … فبِقَلْبي منهُ جُرْحُ

هُوَ في صَدْرِكَ نَهْدٌ … وَهْوَ في صَدْريَ رُمْحُ

أنْشَدَني الخَطِيبُ مُحَمَّد بن هاشِم، قال: أنْشَدَني إسْمَاعِيْل بن مَعِيْشَة أبو العَرَب المَغْرِبيّ لنَفْسِه بحَلَب في المَلِك الظَّاهِر (٢): [من الرمل]

جَنِّب السِّرْبَ وخَفْ من أنْ تُصَدْ … أيُّها الآمِلُ جُهْدًا أنْ يَصِدْ

واجْتَنب رشْقَة ظبْي إنْ رَنَا … أثْبَتَ الأسْهُم (e) في خِلْب الكَبِدْ

ثُعَليّ الطَّرْف طَائِيّ الحَشَا … مَازِنيّ الفَتْك صَخْريّ الجَلَدْ


(a) ساقطة من ب.
(b) في بدائع البدائة: ابن معوشة.
(c) بدائع البدائة: الوزير.
(d) ب: رجل.
(e) ب: السهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>