للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهُ شيء لا يُعْمر، فلمَّا مات المَلِك الظَّاهِر، جاء كَيْكَاوُس ملك الرُّوم وفي صُحْبته المَلِك الأفْضَل عليّ بن يُوسُف، أخو المَلِك الظَّاهِر، فاسْتولَى على المَدِينَة، ورَمَّ ما تَشَعَّثَ من سُورها، وفَتَحَ تلّ باشِر من يد ابن دَلْدرم، واسْتدعَى أتَابِك طُغْرِل المَلِك الأشْرَف مُوسَى بن المَلِك العادِل من حِمْص ليَدْفع كَيْكَاوُس، فجاء وخَرَجَ بعَسْكر حَلَب إلى الباب، واتَّفق للعَسكَرَيْنِ وَقْعَة أُسِرَ فيها جَمَاعة من أُمَراءِ الرُّوم، فانْدَفعِ كَيْكَاوُس عن البلادِ، فاسْتعادَها المَلِكُ الأشْرَف، فشَعَّثَ أتَابِك طُغْرِل سُور مَنْبِج عند ذلك تَشْعيثًا فاحشًا، وتداعَت أرْكانه، وبَني منهُ الخان الّذي جدَّده أتَابِك للسَّبيل، وهو موضع الحِصْن الّذي (a) خرَّبه المَلِك الظَّاهِر، وأخذَ أهل البَلَدِ من حِجَارَة السُّور أحْجارًا كَثِيْرة لعَمَائِرهمِ، فلم يبقَ منه إلَّا ما يمنَع الغَارة، وأمَّا البَلَد فإنَّه عَامِرٌ، آهِلٌ، كَثِيرُ الخَيْراتِ، ومَعايشهم وافرة جدًّا، لا سِيَّما في اسْتخراج ماء الوَرْد والخِلَاف (١) والإبْرَيْسَم.

وكان اسْمُها أوَّلًا: سُرْياس، ثمّ سُمِّيت: أبروقليس، فسمَّاها كِسْرَى: مَنْبه، وعُرِّبت فقيل: مَنْبِج.

قَرَأتُ في تاريخ وقع إليَّ، ذَكَرَ جامعُه أنَّه انْتَسَخهُ من كُتُب شتَّى، ومن التَّوْراة اليُونانِيَّة والسُّرْيَانيَّة، ومن تاريخٍ للرُّومِ وغيرهم (٢)، قال: وفي سَنة خَمْسين


(a) " الذي" مكررة في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>